للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلَافِ دِرْهَمٍ» «، وَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَوْمًا وَعَلَيْهِ رِدَاءُ خَزٍّ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّ اللَّهَ تَعَالَى - إذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ» وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَرْتَدِي بِرِدَاءٍ قِيمَتُهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

لُبْسُ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ آيَةُ التَّوَاضُعِ وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُمَا سُلَيْمَانُ النَّبِيُّ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي الْحَدِيثِ نَوِّرُوا قُلُوبَكُمْ بِلِبَاسِ الصُّوفِ، فَإِنَّهُ مَذَلَّةٌ فِي الدُّنْيَا وَنُورٌ فِي الْآخِرَةِ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُفْسِدُوا دِينَكُمْ بِمَحْمَدَةِ النَّاسِ وَثَنَائِهِمْ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

لُبْسُ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ مُبَاحٌ إذَا لَمْ يَتَكَبَّرْ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا كَمَا كَانَ قَبْلَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَلَا يَجُوزُ صَبْغُ الثِّيَابِ أَسْوَدَ أَوْ أَكْهَبَ تَأَسُّفًا عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ صَدْرُ الْحُسَامِ لَا يَجُوزُ تَسْوِيدُ الثِّيَابِ فِي مَنْزِلِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْكَسْبِ يَنْبَغِي أَنْ يَلْبَسَ فِي عَامَّةِ الْأَوْقَاتِ الْغَسِيلَ وَيَلْبَسَ الْأَحْسَنَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ إظْهَارًا لِنِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى -، وَلَا يَلْبَسُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤْذِي الْمُحْتَاجِينَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُظَاهِرَ بَيْنَ جُبَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إذَا كَانَ يَكْفِيهِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ جُبَّةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ ذَلِكَ يُؤْذِي الْمُحْتَاجِينَ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ اكْتِسَابِ سَبَبِ أَذَى الْغَيْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا الدِّثَارُ فَيُكْرَهُ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ الْمُخَرْفَجَةِ وَهِيَ الَّتِي تَقَعُ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.

وَعَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ سُنَّةِ الْإِسْلَامِ لُبْسِ الْمُرَقَّعِ وَالْخَشِنِ مِنْ الثِّيَابِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ سُنَّةٌ، وَهُوَ مِنْ أَسْتَرِ الثِّيَابِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

فِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ يُرَخَّصُ لِلْمَرْأَةِ كَشْفُ الرَّأْسِ فِي مَنْزِلِهَا وَحْدَهَا فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ لَهَا لُبْسِ خِمَارٍ رَقِيقٍ يَصِفُ مَا تَحْتَهُ عِنْدَ مَحَارِمِهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

تَقْصِيرُ الثِّيَابِ سُنَّةٌ وَإِسْبَالُ الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ بِدْعَةٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِزَارُ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ إلَى نِصْفِ السَّاقِ وَهَذَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَيُرْخِينَ إزَارَهُنَّ أَسْفَلَ مِنْ إزَارِ الرِّجَالِ لِيَسْتُرَ ظَهْرَ قَدَمِهِنَّ. إسْبَالُ الرَّجُلِ إزَارَهُ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْخُيَلَاءِ فَفِيهِ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

وَاخْتُلِفَ فِي السَّدْلِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَقِيلَ: يَكْرَهُ بِدُونِ الْقَمِيصِ، وَلَا يُكْرَهُ عَلَى الْقَمِيصِ وَفَوْقَ الْإِزَارِ وَقِيلَ: يُكْرَهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِلُبْسِ قَلَنْسُوَةِ الثَّعَالِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكَانَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سِنْجَابٌ وَعَلَى الضَّحَّاكِ قَلَنْسُوَةُ سَمُّورٍ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِالْفَرْوِ مِنْ السِّبَاعِ كُلِّهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَةِ وَالْمُذَكَّاةِ وَقَالَ ذَكَاتُهَا دِبَاغُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَا بَأْسَ بِجُلُودِ النَّمِرِ وَالسِّبَاعِ كُلِّهَا إذَا دُبِغَتْ أَنْ يَجْعَلَ مِنْهَا مُصَلًّى أَوْ مِيثَرَةَ السَّرْجِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ

وَلَا بَأْسَ بِخِرْقَةِ الْوُضُوءِ وَالْمُخَاطِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُكْرَهُ الْخِرْقَةُ الَّتِي تُحْمَلُ لِيُمْسَحَ بِهَا الْعَرَقُ؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ تَكَبُّرًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ لَمْ يُكْرَهْ، كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ رَأَيْتُ عَلَى أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَعْلَيْنِ مَحْفُوفَيْنِ بِمَسَامِيرِ الْحَدِيدِ فَقُلْتُ لَهُ: أَتَرَى بِهَذَا الْحَدِيدِ بَأْسًا؟ فَقَالَ: لَا فَقُلْتُ لَهُ: إنَّ سُفْيَانَ وَثَوْرَ بْنَ يَزِيدَ كَرِهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالرُّهْبَانِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَهَا شُعُورٌ» وَإِنَّهَا مِنْ لِبَاسِ الرُّهْبَانِ، فَقَدْ أَشَارَ إلَى أَنَّ صُورَةَ الْمُشَابَهَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ صَلَاحُ الْعِبَادِ لَا تَضُرُّ، وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْأَحْكَامِ صَلَاحُ الْعِبَادِ، فَإِنَّ مِنْ الْأَرَاضِي مَا لَا يُمْكِنُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فِيهَا إلَّا بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْإِحْكَامِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتُ.

امْرَأَةٌ لَهَا صَنْدَلَةٌ فِي مَوْضِعِ قَدَمِهَا سُمْكٌ مُتَّخَذٌ مِنْ غَزْلِ الْفِضَّةِ وَذَلِكَ الْغَزْلُ مِمَّا يَخْلُصُ حَلَّ لَهَا اسْتِعْمَالُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>