عَنْهُ وَقِيلَ: هُوَ حَلَالٌ لَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَوْتَ مِنْ الْجُوعِ وَمَعَ رَفِيقٍ لَهُ طَعَامٌ ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الطَّعَامِ قَدْرَ مَا يَدْفَعُ جُوعَهُ عَلَى شَرْطِ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَمَنْ أَصَابَتْهُ مَخْمَصَةٌ وَعِنْدَهُ طَعَامُ رَفِيقِهِ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ كَرْهًا بِالْقِيمَةِ بَلْ صَبَرَ حَتَّى مَاتَ جُوعًا يُثَابُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَوْتَ مِنْ الْعَطَشِ وَمَعَ رَفِيقِهِ مَاءٌ جَازَ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَ مَعَهُ بِدُونِ السِّلَاحِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْمَاءَ بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ عَطَشَهُ وَلَوْ كَانَ الرَّفِيقُ يَخَافُ الْمَوْتَ يَأْخُذُ مِنْهُ بَعْضَهُ وَيَتْرُكُ الْبَعْضَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إنْ اُضْطُرَّ إلَى طَعَامٍ وَالْمَالِكُ يَمْنَعَهُ وَسِعَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ، وَلَا يُقَاتِلُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَكَ حَتَّى مَاتَ كَانَ فِي سَعَةٍ، وَلَوْ اُضْطُرَّ إلَى مَاءٍ فِي بِئْرٍ وَهُنَاكَ أَحَدٌ يَمْنَعُهُ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ حَازَهُ الْإِنْسَانُ يَمْلِكُهُ كَالطَّعَامِ وَالْمَاءِ الَّذِي يَحُوزُهُ، فَإِنَّ الْمُضْطَرَّ يُقَاتِلُهُ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ، وَأَمَّا فِي الْبِئْرِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُقَاتِلُهُ بِالسِّلَاحِ وَغَيْرِ السِّلَاحِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
خَافَ الْهَلَاكَ عَطَشًا وَعِنْدَهُ خَمْرٌ لَهُ شُرْبُهُ قَدْرَ مَا يَدْفَعُ الْعَطَشَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
مُضْطَرٌّ لَمْ يَجِدْ مَيْتَةً وَخَافَ الْهَلَاكَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ اقْطَعْ يَدَيَّ وَكُلْهَا أَوْ قَالَ اقْطَعْ مِنِّي قِطْعَةً وَكُلْهَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ أَمْرُهُ بِهِ كَمَا لَا يَسَعُ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَقْطَعَ قِطْعَةً مِنْ نَفْسِهِ فَيَأْكُلَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْأَبُ إذَا احْتَاجَ إلَى تَنَاوُلِ مَالِ وَلَدِهِ إنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ وَاحْتَاجَ لِفَقْرِهِ أَكَلَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَاحْتَاجَ لِعَدَمِ الطَّعَامِ أَكَلَ بِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ مُوسِرًا يَعْنِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا يَحِلُّ لِلْأَبِ تَنَاوُلُ مَالِ ابْنِهِ اللَّئِيمِ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَإِنْ كَانَ كَرِيمًا يَحِلُّ أَيْضًا عِنْدَ غَيْرِ الْحَاجَةِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَمَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ أَوْ صَامَ، وَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى مَاتَ يَأْثَمُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَلَوْ جَاعَ، وَلَمْ يَأْكُلْ مَعَ قُدْرَتِهِ حَتَّى مَاتَ يَأْثَمُ، كَذَا فِي الْكُبْرَى.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْكَسْبِ وَيُفْتَرَضُ عَلَى النَّاسِ إطْعَامُ الْمُحْتَاجِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَعْجِزُ عَنْ الْخُرُوجِ وَالطَّلَبِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُحْتَاجَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْخُرُوجِ يُفْتَرَضُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَعْلَمُ أَنْ يُطْعِمَهُ مِقْدَارَ مَا يَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْخُرُوجِ وَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى إذَا مَاتَ، وَلَمْ يُطْعِمْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ يَعْلَمُ اشْتَرَكُوا جَمِيعًا فِي الْمَأْثَمِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ بِحَالِهِ مَا يُطْعِمُهُ وَلَكِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى النَّاسِ لِيُخْبِرَ بِحَالِهِ فَيُوَاسُوهُ فَيُفْرَضُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِذَا امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ اشْتَرَكُوا فِي الْمَأْثَمِ، وَلَكِنْ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ. الْفَصْلُ الثَّانِي: إذَا كَانَ الْمُحْتَاجُ قَادِرًا عَلَى الْخُرُوجِ وَلَكِنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ وَمَنْ يَعْلَمُ بِحَالِهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَلْيُؤَدِّهِ إلَيْهِ حَتْمًا، وَإِنْ كَانَ الْمُحْتَاجُ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ. الْفَصْلُ الثَّالِثُ: إذَا كَانَ الْمُحْتَاجُ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَلَكِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ وَيَطَّوَّفَ عَلَى الْأَبْوَابِ، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى إذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَقَدْ هَلَكَ كَانَ آثِمًا عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى -، ثُمَّ قَالَ: وَالْمُعْطِي أَفْضَلُ مِنْ الْآخِذِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعْطِي مُؤَدِّيًا لِلْوَاجِبِ وَالْآخِذُ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَلَكِنَّهُ مُحْتَاجٌ فَهَاهُنَا الْمُعْطِي أَفْضَلُ بِالِاتِّفَاقِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُعْطِي وَالْآخِذُ كُلُّ وَاحِدٍ مُتَبَرِّعًا أَمَّا الْمُعْطِي فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْآخِذُ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُعْطِي أَفْضَلُ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُعْطِي مُتَبَرِّعًا وَالْآخِذُ مُفْتَرِضًا بِأَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُعْطِي أَفْضَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْفِقْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ: إذَا تَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ مَالِي فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ فَتَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِإِبَاحَتِهِ جَازَ