للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّنَاوُلِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ النَّهْيُ، إمَّا صَرِيحًا أَوْ عَادَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَرْبَابَهَا رَضُوا بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّسَاتِيقِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي تَبْقَى لَا يَسَعُهُ الْأَخْذُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْإِذْنَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي لَا تَبْقَى فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّنَاوُلِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ النَّهْيُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَحِلُّ حَمْلُ شَيْءٍ مِنْهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الثِّمَارُ عَلَى الْأَشْجَارِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ مَوْضِعٍ مَا إلَّا بِالْإِذْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا كَثِيرَ الثِّمَارِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَكْلُ ذَلِكَ فَيَسَعُهُ الْأَكْلُ، وَلَا يَسَعُهُ الْحَمْلُ، وَأَمَّا أَوْرَاقُ الشَّجَرِ إذَا سَقَطَتْ عَلَى الطَّرِيقِ فِي أَيَّامِ الْفُلَّيْقِ فَأَخَذَ إنْسَانٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الشَّجَرِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا وَرَقَ شَجَرٍ يُنْتَفَعُ بِهِ نَحْوُ التُّوتِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَلَوْ أَخَذَ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَإِذَا أَخَذَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ دَخَلَ بَيْتَ صِدِّيقِهِ وَسَخَّنَ الْقِدْرَ وَأَكَلَ جَازَ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ كَرْمِ صِدِّيقِهِ شَيْئًا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَ الْكَرْمِ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ وَلْيَنْظُرْ، فَإِنَّ الطَّامِعَ غَالِطٌ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَيَجُوزُ رَفْعُ الثِّمَارِ مِنْ نَهْرٍ جَارٍ وَأَكْلُهَا، وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَفْسُدُ إذَا كَانَ تُرِكَ فَيَكُونُ مَأْذُونًا بِالرَّفْعِ دَلَالَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

الْحَطَبُ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ لَا قِيمَةَ لَهُ حِينَ يَأْخُذُهُ فَهُوَ حَلَالٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ لَا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَفِي الْفَتَاوَى سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ وَجَدَ جَوْزَةً، ثُمَّ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَتْ عَشْرًا وَصَارَتْ لَهَا قِيمَةٌ قَالَ إنْ وَجَدَهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ، وَإِنْ وَجَدَهَا فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَنْ جَمَعَ نَوَاةً مِنْ أَمَاكِنَ مُتَفَرِّقَةٍ حَتَّى صَارَ لَهَا قِيمَةٌ، فَإِنَّهَا تَطِيبُ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ وَعِنْدِي أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْجَوْزَاتِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ لَا تَحِلُّ لَهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا بِخِلَافِ النَّوَاةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْمُونَ النَّوَاةَ فَصَارَتْ مُبَاحَةً بِالرَّمْيِ، وَأَمَّا الْجَوْزَاتُ لَا يَرْمُونَهَا إلَّا إذَا وَجَدَهَا تَحْتَ أَشْجَارِ الْجَوْزِ يَلْتَقِطُهَا كَالسَّنَابِلِ إذَا بَقِيَتْ فِي الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا اشْتَرَوْا مِقْلَاةً مِنْ أُرْزٍ فَقَالُوا مَنْ أَظْهَرَ بَطْنَ الْمِقْلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِثْلَهُ فَيَأْكُلَهُ فَأَظْهَرَ وَاحِدٌ وَاشْتَرَى مَا أَوْجَبُوا عَلَيْهِ يُكْرَهُ الْأَكْلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْلِيقًا بِالشَّرْطِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

شَجَرَةٌ فِي مَقْبَرَةٍ قَالُوا إنْ كَانَتْ نَابِتَةً فِي الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهَا مَقْبَرَةً فَمَالُكَ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِهَا يَصْنَعُ مَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَوَاتًا لَا مَالَكَ لَهَا فَجَعَلَهَا أَهْلُ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ أَوْ الْقَرْيَةِ مَقْبَرَةً، فَإِنَّ الشَّجَرَةَ وَمَوْضِعَهَا مِنْ الْأَرْضِ عَلَى مَا كَانَ حُكْمُهَا فِي الْقَدِيمِ، وَإِنْ نَبَتَتْ الشَّجَرَةُ بَعْدَمَا جُعِلَتْ مَقْبَرَةً، فَإِنْ كَانَ الْغَارِسُ مَعْلُومًا كَانَتْ لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ نَبَتَتْ بِنَفْسِهَا فَحُكْمُهَا يَكُونُ لِلْقَاضِي إنْ رَأَى قَلْعَهَا، وَإِنْفَاقَهَا عَلَى الْمَقْبَرَةِ فَعَلَ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الْغَنِيُّ إذَا أَكَلَ مِمَّا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى الْفَقِيرِ إنْ أَبَاحَ الْفَقِيرُ فَفِي حِلِّ التَّنَاوُلِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمَشَايِخِ، وَإِنْ مَلَّكَهُ الْفَقِيرُ الْغَنِيَّ لَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ السَّبِيلِ إذَا تُصُدِّقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَصَلَ إلَى مَالِهِ وَالصَّدَقَةُ قَائِمَةٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ تِلْكَ الصَّدَقَةِ، وَكَذَلِكَ الْفَقِيرُ إذَا تُصُدِّقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْنَى وَالصَّدَقَةُ قَائِمَةٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَنَاوَلَ تِلْكَ الصَّدَقَةِ. أَكْلُ الطِّينِ مَكْرُوهٌ، هَكَذَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ صَوْمِهِ إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَهُ أَوْرَثَهُ ذَلِكَ عِلَّةً أَوْ آفَةً لَا يُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُلُ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ سِوَى الطِّينِ، وَإِنْ كَانَ يَتَنَاوَلُ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحْيَانَا لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الطِّينُ الَّذِي يُحْمَلُ مِنْ مَكَّةَ وَيُسَمَّى طِينَ حَمْزَةَ هَلْ الْكَرَاهِيَةُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>