للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَالَةُ الْإِشْكَالِ إنَّمَا يَتَوَرَّعُ إذَا كَانَ يَدْعُوهُ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ فِي كُلِّ عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْدَ الْإِقْرَاضِ جَعَلَ يَدْعُوهُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ زَادَ فِي الْبَاجَّاتِ أَمَّا إذَا كَانَ يَدْعُوهُ بَعْدَ الْإِقْرَاضِ فِي كُلِّ عِشْرِينَ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْبَاجَّاتِ فَلَا يَتَوَرَّعُ إلَّا إذَا نَصَّ أَنَّهُ أَضَافَهُ لِأَجَلِ الدَّيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَاخْتُلِفَ فِي إجَابَةِ الدَّعْوَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَاجِبَةٌ لَا يَسَعُ تَرْكُهَا وَقَالَتْ الْعَامَّةُ هِيَ سُنَّةٌ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُجِيبَ إذَا كَانَتْ وَلِيمَةً وَإِلَّا فَهُوَ مُخَيَّرٌ وَالْإِجَابَةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ فِيهَا إدْخَالَ السُّرُورِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

وَلَوْ دُعِيَ إلَى دَعْوَةٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُجِيبَهُ إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَعْصِيَةٌ، وَلَا بِدْعَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ كَانَ عَاصِيًا وَالِامْتِنَاعُ أَسْلَمُ فِي زَمَانِنَا إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا بِدْعَةٌ، وَلَا مَعْصِيَةٌ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ أَعَلَمُ الْعُلَمَاءِ السَّمَرْقَنْدِيُّ الْحِيلَةُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِضِيَافَةٍ فِيهَا شُبْهَةُ الْحَرَامِ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الضَّيْفِ مَلَّكْتُ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْفَقِيرِ فَإِذَا مَلَكَهُ صَارَ مِلْكًا لِلْفَقِيرِ، وَإِذَا صَارَ مِلْكًا لِلْفَقِيرِ لَوْ مَلَكَ غَيْرَهُ يَجُوزُ، وَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ الْفَقِيرِ يَعْنِي مِنْ مَالٍ أَخَذَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ لَا إذَا مَلَكَهَا بِجِهَةٍ أُخْرَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

لَا يُجِيبُ دَعْوَةَ الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِفِسْقِهِ، وَكَذَا دَعْوَةُ مَنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ مِنْ حَرَامٍ مَا لَمْ يُخْبَرْ أَنَّهُ حَلَالٌ وَبِالْعَكْسِ يُجِيبُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ عِنْدَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

وَفِي الرَّوْضَةِ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْفَاسِقِ وَالْوَرَعُ أَنْ لَا يُجِيبَهُ وَدَعْوَةُ الَّذِي أَخَذَ الْأَرْضَ مُزَارِعَةً أَوْ يَدْفَعُهَا عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

آكِلُ الرَّبَّا وَكَاسِبُ الْحَرَامِ أَهْدَى إلَيْهِ أَوْ أَضَافَهُ وَغَالِبُ مَالِهِ حَرَامٌ لَا يَقْبَلُ، وَلَا يَأْكُلُ مَا لَمْ يُخْبِرْهُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ أَصْلُهُ حَلَالٌ وَرِثَهُ أَوْ اسْتَقْرَضَهُ، وَإِنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ حَلَالًا لَا بَأْسَ بِقَبُولِ هَدِيَّتِهِ وَالْأَكْلِ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

لَا يَنْبَغِي التَّخَلُّفُ عَنْ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ الْعَامَّةِ كَدَعْوَةِ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ وَنَحْوِهِمَا، وَإِذَا أَجَابَ، فَقَدْ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَأْكُلَ لَوْ كَانَ غَيْرَ صَائِمٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

مَنْ دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ فَوَجَدَ ثَمَّةَ لَعِبًا أَوْ غِنَاءً فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْعُدَ وَيَأْكُلَ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَنْعِ يَمْنَعُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يَصْبِرْ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدَى بِهِ أَمَّا إذَا كَانَ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِمْ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ، وَلَا يَقْعُدُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمَائِدَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْعُدَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدًى بِهِ وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ الْحُضُورِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ قَبْلَ الْحُضُورِ فَلَا يَحْضُرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَقُّ الدَّعْوَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا هَجَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ عَلِمَ الْمُقْتَدَى بِهِ بِذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهُوَ مُحْتَرَمٌ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ يَتْرُكُونَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

رَجُلٌ اتَّخَذَ ضِيَافَةً لِلْقَرَابَةِ أَوْ وَلِيمَةً أَوْ اتَّخَذَ مَجْلِسًا لِأَهْلِ الْفَسَادِ فَدَعَا رَجُلًا صَالِحًا إلَى الْوَلِيمَةِ قَالُوا إنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ بِحَالٍ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الْإِجَابَةِ مَنَعَهُمْ عَنْ فِسْقِهِمْ لَا تُبَاحُ لَهُ الْإِجَابَةُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُجِيبَ؛ لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ بِحَالٍ لَوْ لَمْ يُجِبْ لَا يَمْنَعُهُمْ عَنْ الْفِسْقِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُجِيبَ وَيَطْعَمَ وَيُنْكِرَ مَعْصِيَتَهُمْ وَفِسْقَهُمْ؛ لِأَنَّهُ إجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَاجِبَةٌ أَوْ مَنْدُوبَةٌ فَلَا يَمْتَنِعُ بِمَعْصِيَةٍ اقْتَرَنَتْ بِهَا، وَوَلِيمَةُ الْعُرْسِ سُنَّةٌ، وَفِيهَا مَثُوبَةٌ عَظِيمَةٌ وَهِيَ إذَا بَنَى الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ الْجِيرَانَ وَالْأَقْرِبَاءَ وَالْأَصْدِقَاءَ وَيَذْبَحَ لَهُمْ وَيَصْنَعَ لَهُمْ طَعَامًا، وَإِذَا اتَّخَذَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُجِيبُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا أَثِمُوا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا أَجَابَ وَدَعَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا أَكَلَ وَدَعَا، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ أَثِمَ وَجَفَا» ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْعُوَ يَوْمَئِذٍ مِنْ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ، ثُمَّ يَنْقَطِعُ الْعُرْسُ وَالْوَلِيمَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>