للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَوْ جَعَلْنَاهَا رَهْنًا صَارَ الْوَاحِدُ قَاضِيًا وَمَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يَجْتَمِعَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ، وَيَقْبِضَانِ ذَلِكَ مِنْ الْعَدْلِ وَيَجْعَلَانِهِ رَهْنًا عَلَى يَدَيْ هَذَا الْعَدْلِ أَوْ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ آخَرَ أَوْ يَرْفَعُ أَحَدُهُمَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْخُذَ الْقَاضِي الْقِيمَةَ وَيَجْعَلَهَا رَهْنًا عِنْدَ ذَلِكَ الْعَدْلِ أَوْ عِنْدَ عَدْلٍ آخَرَ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعَدْلَ إنْ تَعَمَّدَ الدَّفْعَ إلَى أَحَدِهِمَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ، وَتُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ آخَرَ، وَإِنْ أَخْطَأَ فِي الدَّفْعِ، وَكَانَ بِحَيْثُ يَجْهَلُ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثُمَّ يُرَدُّ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ خِيَانَةٌ فَبَقِيَ عَدْلًا عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

ثُمَّ إذَا جَعَلَ الْقِيمَةَ فِي يَدَيْ الْعَدْلِ وَقَضَى الرَّاهِنُ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْعَدْلُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ يَدْفَعُ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ فَالْقِيمَةُ تُسَلَّمُ لِلْعَدْلِ، وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ قَدْ ضَمِنَ بِدَفْعِ الرَّهْنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنْهُ، وَهَلْ يَرْجِعُ الْعَدْلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْعَدْلُ دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْوَدِيعَةِ، وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ يَمْلِكُهُ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعَارَ أَوْ أَوْدَعَ مِلْكَهُ، فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ.

وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ دَفَعَ إلَى الْمُرْتَهِنِ رَهْنًا بِأَنْ قَالَ: هَذَا رَهَنَكَ خُذْهُ بِحَقِّكَ وَاحْبِسْهُ بِدَيْنِكَ رَجَعَ الْعَدْلُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ اسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ هَلَكَ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ وَضَعَا الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَسَلَّطَاهُ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ سَلَّطَا عَلَى بَيْعِهِ غَيْرَ الْعَدْلِ أَوْ سَلَّطَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِهِ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا عَزْلَهُ، فَإِذَا بَاعَ فَالثَّمَنُ هُوَ الرَّهْنُ.

وَلَوْ سَلَّطَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ عَلَى بَيْعِهِ جَازَ أَيْضًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.

وَإِنْ بَاعَ الْعَدْلُ مِنْ وَلَدِهِ الرَّهْنَ أَوْ زَوْجَتِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَائِزٌ، وَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أَرَادَ الرَّاهِنُ عَزْلَ الْعَدْلِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ لَا يَمْلِكُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هُوَ الصَّحِيحُ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَمْلِكُ عَزْلَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَمْلِكُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

وَإِذَا أَخْرَجَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ الْعَدْلَ مِنْ التَّسْلِيطِ عَلَى الْبَيْعِ وَسَلَّطَا غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يُسَلِّطَا، فَقَدْ خَرَجَ الْعَدْلُ مِنْ ذَلِكَ إذَا عَلِمَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَا يَمْلِكُ الْعَدْلُ الْبَيْعَ إلَّا بِالتَّسْلِيطِ الْمَشْرُوطِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ، أَوْ بَعْدَ تَمَامِ عَقْدِ الرَّهْنِ، وَعَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ إذَا بَاعَ فَالثَّمَنُ رَهْنٌ فِي يَدِهِ فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْعَدْلِ سَقَطَ الدَّيْنُ كَمَا إذَا هَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَا إذَا هَلَكَ الثَّمَنُ بِالتَّوَى عَلَى الْمُشْتَرِي فَالتَّوَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِقِيَامِ الثَّمَنِ مَقَامَ الْعَيْنِ، وَالرَّهْنُ إذَا تَمَّ فَالتَّوَى بَعْدَهُ فِي أَيِّ يَدٍ كَانَ يَكُونُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ أَبَى الْعَدْلُ الْبَيْعَ إنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>