بِمَا فِيهِ.
(نَمَاءُ الرَّهْنِ نَوْعَانِ) نَوْعٌ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ، وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ مُتَوَلِّدًا مِنْ الْعَيْنِ، وَلَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْكَسْبِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَأَشْبَاهِهَا، وَنَوْعٌ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مُتَوَلِّدًا مِنْ الْعَيْنِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ أَوْ يَكُونُ بَدَلًا عَنْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ كَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ، وَمَعْنَى دُخُولِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ النَّمَاءِ تَحْتَ الرَّهْنِ أَنَّهُ يُحْبَسُ كَمَا يُحْبَسُ الْأَصْلُ أَمَّا لَا يَكُونُ مَضْمُونًا، وَلَا يَسْرِي إلَيْهِ حُكْمُ الضَّمَانِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ النَّمَاءِ قَبْلَ الْفِكَاكِ لَا يَسْقُطُ بِمُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ وَإِذَا كَانَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ النَّمَاءِ رَهْنًا مَعَ الْأَصْلِ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا يَنْقَسِمُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصْلِ، وَعَلَى النَّمَاءِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِدُونِ الدَّيْنِ لَا يَكُونُ فَيَجِبُ قِسْمَةُ الدَّيْنِ لَكِنْ بِشَرْطِ بَقَاءِ النَّمَاءِ إلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ، فَإِذَا بَقِيَ إلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ تَقَرَّرَتْ الْقِسْمَةُ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ بِمُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّ الدَّيْنَ كُلَّهُ كَانَ بِمُقَابَلَةِ الْأُمِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ عَلَى الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَعَلَى الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْفِكَاكِ وَتَفْسِيرُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَصْلِ أَلْفًا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ أَلْفًا فَالدَّيْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَبَقِيَتْ الْأُمُّ رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ فَإِنْ افْتَكَّهُ افْتَكَّهُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ هَلَكَ الْوَلَدُ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَذَهَبَ كُلُّ الدَّيْنِ بِمَوْتِ الْأُمِّ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَكِنْ انْتَقَصَتْ قِيمَةُ الْأُمِّ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ فَصَارَتْ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ أَوْ زَادَتْ فَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ وَالْوَلَدُ عَلَى حَالِهِ يُسَاوِي أَلْفًا فَالدَّيْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَا يَتَغَيَّرُ عَمَّا كَانَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ عَلَى حَالِهَا وَانْتَقَصَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ بِعَيْبٍ دَخَلَهُ أَوْ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ فَصَارَتْ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَالدَّيْنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثَانِ فِي الْأُمِّ وَالثُّلُثُ فِي الْوَلَدِ وَلَوْ ازْدَادَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ فَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَثُلُثَا الدَّيْنِ فِي الْوَلَدِ، وَالثُّلُثُ فِي الْأُمِّ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْأُمُّ بَقِيَ الْوَلَدُ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ، وَهَذَا يَطَّرِدُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ قِيمَةَ الْأُمِّ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْفِكَاكِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ثُمَّ هَذَا النَّوْعُ مِنْ النَّمَاءِ إذَا صَارَ رَهْنًا مَعَ الْأَصْلِ يَعُودُ بِسَبَبِهِ بَعْضُ مَا كَانَ سَاقِطًا مِنْ الدَّيْنِ حَتَّى إنَّ الْمَرْهُونَ إذَا كَانَ جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ حَتَّى سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ ثُمَّ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَدًا يَعُودُ بَعْضُ مَا كَانَ سَاقِطًا مِنْ الدَّيْنِ، وَيُجْعَلُ الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَوَرِ كَالْوَلَدِ الْحَادِثِ قَبْلَ الْعَوَرِ، وَإِذَا صَارَتْ الزِّيَادَةُ الْمَشْرُوطَةُ رَهْنًا مَعَ الْأَصْلِ لَا يَعُودُ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، وَلَا تُجْعَلُ الزِّيَادَةُ الْمَشْرُوطَةُ بَعْدَ عَوَرِهَا كَالزِّيَادَةِ الْمَشْرُوطَةِ قَبْلَ عَوَرِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ
رَهَنَ أَمَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ بِأَلْفٍ فَاعْوَرَّتْ سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ فَلَوْ زَادَ عَبْدًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ صَحَّتْ لِوُجُودِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ، وَيُقْسَمُ نِصْفُ الدَّيْنِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا.
فَإِنْ وَلَدَتْ الْعَوْرَاءُ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا قُسِمَ كُلُّ الدَّيْنِ عَلَى الْأَمَةِ وَالْوَلَدِ نِصْفَيْنِ، فَقَدْ جُعِلَ الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَوَرِ كَالْحَادِثِ قَبْلَ الْعَوَرِ فِي حَقِّ قِسْمَةِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَسَقَطَ بِالْعَوَرِ نِصْفُ مَا فِيهَا، وَهُوَ رُبْعُ كُلِّ الدَّيْنِ، وَبَقِيَ فِيهَا رُبْعُ الدَّيْنِ، وَفِي الْوَلَدِ نِصْفُ الدَّيْنِ غَيْرَ أَنَّ الْوَلَدَ نِصْفُهُ صَارَ أَصْلًا لِفَوَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute