للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعَفْوِ فَلَا يَخْلُو: إمَّا إنْ يَشْهَدَا مَعًا، أَوْ مُتَعَاقِبًا، فَإِنْ شَهِدَا مَعًا إنْ كَذَّبَهُمَا الْقَاتِلُ بَطَلَ حَقُّهُمَا، وَكَذَلِكَ إنْ صَدَّقَهُمَا الْقَاتِلُ مَعًا، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَلَهُمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرَ ضَمِنَ لِلَّذِي صَدَّقَهُ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَأَمَّا إذَا شَهِدَا مُتَعَاقِبًا، فَإِنْ كَذَّبَهُمَا الْقَاتِلُ فَلِلشَّاهِدِ آخِرًا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ إنْ صَدَّقَهُمَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا مُتَعَاقِبًا فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لَهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا إنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَ وَكَذَّبَ الثَّانِيَ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنْ صَدَّقَ الثَّانِيَ وَكَذَّبَ الْأَوَّلَ فَلِلثَّانِي نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

إنْ كَانَ الدَّمُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ قَدْ عَفَا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُمَا الْقَاتِلُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ بَطَلَ نَصِيبُ الْعَافِي وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الشَّاهِدَيْنِ مَالًا، وَإِنْ كَذَّبَاهُمَا فَلَا شَيْءَ لِلشَّاهِدَيْنِ وَيَصِيرُ نَصِيبُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَالًا، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ غَرِمَ الْقَاتِلُ ثُلُثَ الدِّيَةِ، وَهُوَ نَصِيبُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْقَاتِلُ وَحْدَهُ غَرِمَ الْقَاتِلُ الدِّيَةَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ شَهِدَا عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ عَفَا مِنْ حِصَّتِهِ فِي الدِّيَةِ فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ إذَا لَمْ يَقْبِضْ الشَّاهِدَانِ نَصِيبَهُمَا مِنْ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

قَوْمٌ اجْتَمَعُوا عَلَى كَلْبٍ عَقُورٍ فَرَمَوْهُ بِالنِّبَالِ فَأَخْطَأَ نَبْلٌ فَأَصَابَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فَمَاتَتْ وَشَهِدَ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا سَهْمُ فُلَانٍ، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا رَمَاهُ فَصَالَحَ الْأَبُ صَاحِبَ السَّهْمِ عَلَى كَرْمٍ ثُمَّ طَلَبَ الْمُصَالَحُ رَبَّ الصُّلْحِ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُصَالِحَ هُوَ الْجَارِحُ وَأَنَّ الصَّبِيَّةَ مَاتَتْ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ سِوَى مَعْرِفَةِ السَّهْمِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَ السَّهْمِ هُوَ رَمَاهُ فَاسْتَقْبَلَهَا أَبُوهَا وَلَطَمَهَا وَسَقَطَتْ وَمَاتَتْ، وَمَا يَدْرِي مِنْ اللَّطْمَةِ مَاتَتْ، أَوْ مِنْ الرَّمْيَةِ، فَإِنْ كَانَ صَالَحَ الْأَبُ بِإِذْنِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ جَازَ وَالْبَدَلُ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَلَا مِيرَاثَ لِلْأَبِ، وَإِنْ صَالَحَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

الْعَفْوُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ عَنْ الْعَمْدِ أَوْ عَنْ الْخَطَأِ وَكُلُّ وَجْهٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ عَنْ الْجِنَايَةِ، أَوْ عَنْ الشَّجَّةِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا أَوْ عَنْ الْقَطْعِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، أَوْ عَنْ الْقَطْعِ أَوْ عَنْ الشَّجَّةِ وَحْدَهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا ثُمَّ قَالَ الْمَقْطُوعُ لِلْقَاطِعِ: عَفَوْتُكَ عَنْ الْجِنَايَةِ، أَوْ عَنْ الْقَطْعِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، أَوْ الشَّجَّةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا يَبْرَأُ عَنْ الْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ وَلَوْ قَالَ: عَفَوْتُكَ عَنْ الْقَطْعِ، أَوْ عَنْ الشَّجَّةِ لَا يَكُونُ عَفْوًا عَنْ السِّرَايَةِ وَلَوْ مَاتَ يَجِبُ الْقِصَاصُ قِيَاسًا، وَالدِّيَةُ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَبْرَأُ عَنْ السِّرَايَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ خَطَأً فَعَفَا عَنْ الْقَطْعِ، أَوْ الشَّجَّةِ ثُمَّ سَرَى وَمَاتَ كَانَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَإِنْ عَفَا عَنْ الْقَطْعِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، أَوْ عَنْ الْجِنَايَةِ صَحَّ الْعَفْوُ عَنْ الْكُلِّ كَمَا فِي الْعَمْدِ إلَّا أَنَّ فِي الْعَمْدِ تُعْتَبَرُ الدِّيَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَفِي الْخَطَأِ مِنْ الثُّلُثِ وَيَكُونُ وَصِيَّةً لِلْعَاقِلَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

امْرَأَةٌ قَطَعَتْ يَدَ رَجُلٍ فَتَزَوَّجَهَا الرَّجُلُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا، وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْقَطْعِ، فَإِنْ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَصَارَ أَرْشُ يَدِهِ مَهْرًا لَهَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا سُلِّمَ لَهَا جَمِيعُ الْأَرْشِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا سُلِّمَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ وَرَدَّتْ عَلَى الزَّوْجِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَالتَّسْمِيَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ ثُمَّ الْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْجِنَايَةِ، أَوْ عَلَى الْقَطْعِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ إنْ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ صَارَ أَرْشُ يَدِهِ مَهْرَ مِثْلِهَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَسَلَّمَ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ، وَكَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَسَقَطَ الْقِصَاصُ مَجَّانًا بِغَيْرِ شَيْءٍ.

وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً، وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْقَطْعِ إنْ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ صَارَ أَرْشُ يَدِهِ مَهْرًا لَهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا سُلِّمَ لَهَا جَمِيعُ ذَلِكَ وَسَقَطَ عَنْ الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا سَلَّمَ لَهَا نِصْفَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَتُؤَدِّي الْعَاقِلَةُ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ إلَى زَوْجِهَا، فَأَمَّا إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>