للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ، وَمَاتَ، ثُمَّ جَنَى الْعَبْدُ، فَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا دَفَعُوهُ بِالْجِنَايَةِ، وَبَطَلَ الْعِتْقُ، وَإِنْ شَاءُوا فَدَوْهُ مُتَطَوِّعِينَ، ثُمَّ يُعْتِقُونَهُ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا، وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ فِي حِصَّةِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ أَعْتَقُوهُ عَنْ الْمَيِّتِ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنْ عَلِمُوا بِالْجِنَايَةِ، فَقَدْ اخْتَارُوا الْفِدَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا ضَمِنُوا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

مُدَبَّرَةٌ، وَلَدَتْ وَلَدًا، وَقِيمَةُ كُلٍّ ثَلَاثُمِائَةٍ، فَجَنَتْ جِنَايَةً تَسْتَغْرِقُهَا، وَمَاتَ سَيِّدُهَا، وَلَمْ يَدَعْ مَالًا غَيْرَهُمَا سَعَيَا بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا لِرَبِّ الْجِنَايَةِ، وَلِلْوَرَثَةِ فِي مِائَتَيْنِ، وَسَلَّمَ لَهُمَا مِائَةً كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ قَتِيلًا خَطَأً، وَاسْتَهْلَكَ مَالًا، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ، وَعَلَى الْمُدَبَّرِ أَنْ يَسْعَى فِيمَا يَسْتَهْلِكُ مِنْ الْمَالِ، وَلَا يُشَارِكُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ الْآخَرَ فِيمَا يَأْخُذُ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا مَالَ لِلْمَوْلَى غَيْرُهُ، فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، فَيَكُونُ أَصْحَابُ دَيْنِهِ أَحَقَّ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ جِنَايَتِهِ، فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، فَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي الْفَضْلِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، فَالْفَضْلُ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى مِقْدَارِ دَيْنِهِ يَكُونُ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَى الْمَوْلَى بِالْقِيمَةِ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ، وَعَلَى الْمُدَبَّرِ بِالسِّعَايَةِ بِالدَّيْنِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ، فَلَا تَسْعَى لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ فِي شَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلَيْنِ مَالًا، فَقَضَى لِأَحَدِهِمَا شَرِكَهُ الْآخَرُ فِيهِ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ السِّعَايَةِ بَطَلَ ذَلِكَ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ كَانَ غُرَمَاؤُهُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْمَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُدَبَّرُ لِرَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ لَمْ يَضْمَنْ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ شَيْئًا، وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ، وَلَكِنَّ رَجُلًا قَتَلَ الْمُدَبَّرَ، فَغَرِمَ قِيمَتَهُ، وَقَدْ جَنَى الْمُدَبَّرُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، فَصَاحِبُ الدَّيْنِ أَحَقُّ بِالْقِيمَةِ مِنْ صَاحِبِ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ غَصَبَ مُدَبَّرًا، فَجَنَى فِي يَدِهِ غَرِمَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَمِنْ الْأَرْشِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا غَصَبَ مُدَبَّرًا، فَأَقَرَّ عِنْدَهُ بِقَتْلِ رَجُلٍ عَمْدًا وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ الْمَوْلَى، أَوْ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَهُوَ سَوَاءٌ، وَإِذَا قَتَلَ بِذَلِكَ بَعْدَ الرَّدِّ، فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ، وَلَوْ عَفَا أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ، فَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِسَرِقَةٍ أَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ إنَّهُ رَدَّهُ، فَقَتَلَ فِي الرِّدَّةِ، فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ أَوْ قَطَعَ فِي السَّرِقَةِ، فَعَلَى الْغَاصِبِ نِصْفُ قِيمَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

رَجُلٌ غَصَبَ مُدَبَّرًا، فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، ثُمَّ غَصَبَهُ ثَانِيًا، فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً أُخْرَى، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فَيَدْفَعُ نِصْفَهَا إلَى الْأَوَّلِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ ثَانِيًا، فَيُسَلِّمُ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ.

وَمَنْ غَصَبَ مُدَبَّرًا، فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً أُخْرَى، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بَعْدَ مَا أَدَّى قِيمَةَ الْعَبْدِ إلَيْهِمَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَدْفَعُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى، ثُمَّ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ، فَيُسَلِّمُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ جَنَى عِنْدَ الْمَوْلَى أَوَّلًا، ثُمَّ جَنَى عِنْدَ الْغَاصِبِ غَرِمَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ بَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ، فَيَدْفَعُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ غَصَبَهُ رَجُلٌ، فَقَتَلَ عِنْدَهُ رَجُلًا عَمْدًا، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ يَقْتُلُ قِصَاصًا، وَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِصَاحِبِ الْخَطَأِ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُ عِنْدَ الْمَوْلَى، وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ عَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَثْلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَهُ صَاحِبُ الْعَمْدِ مِنْهُ، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ إلَى صَاحِبِ الْخَطَأِ، وَلَوْ قَتَلَ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوَّلًا رَجُلًا عَمْدًا، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى الْمَوْلَى فَقَتَلَ عِنْدَهُ رَجُلًا خَطَأً بَعْدَمَا عَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الدَّمِ، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيَّنَّا، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَهُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ مِنْ وَلِيِّ الْعَمْدِ، فَيَدْفَعُهُ إلَى صَاحِبِ الْعَمْدِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ إلَى تَمَامِ نِصْفِ الْقِيمَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إنْ قَتَلَ عِنْدَ الْغَاصِبِ رَجُلًا، وَغَرِمَ الْمَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>