اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ أَوْ قَبْلَهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوصَى بِهِ عَيْنًا أَوْ نَوْعًا مُعَيَّنًا.
وَأَمَّا إذَا أَوْصَى بِعَيْنٍ أَوْ بِنَوْعٍ مِنْ مَالِهِ كَثُلُثِ غَنَمِهِ فَهَلَكَ قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ حَتَّى لَوْ اكْتَسَبَ غَنَمًا أُخْرَى أَوْ عَيْنًا أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَنَمٌ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ فَاسْتَفَادَهَا، ثُمَّ مَاتَ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ شَاةٌ مِنْ مَالِي وَلَيْسَ لَهُ غَنَمٌ يُعْطِي قِيمَةَ الشَّاةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ وَلَمْ يُضِفْهَا إلَى مَالِي وَلَا غَنَمَ لَهُ قِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ: يَصِحُّ. وَلَوْ قَالَ: شَاةٌ مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ كَالْبَقَرِ وَالْبَعِيرِ وَنَحْوِهِمَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَمَنْ أَوْصَى إلَيْهِ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَغَصَبَ رَجُلٌ الْمَالَ مِنْ الْمُوصِي فَاسْتَهْلَكَهُ وَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ صَدَقَةً وَالْغَاصِبُ مُقِرٌّ بِهِ أَجْزَتْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِشَاةٍ مِنْ مَالِي فَإِنَّهُ لَا تَتَعَلَّقُ الْوَصِيَّةُ بِالشَّاةِ الَّتِي تَكُونُ لَهُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ الْوَصِيَّةُ بِالشَّاةِ الَّتِي تَكُونُ فِي يَوْمِ الْمَوْتِ، ثُمَّ إذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ وَانْصَرَفَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى شَاةٍ تَكُونُ فِي مَالِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ إذَا مَاتَ الْمُوصِي بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ مَالًا. إنْ كَانَ فِي مَالِهِ شَاةٌ فَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا دَفَعُوا الشَّاةَ إلَيْهِ وَإِنْ شَاءُوا دَفَعُوا قِيمَةَ الشَّاةِ، ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْوَارِثَ يُعْطِيهِ الشَّاةَ الْأَخَسَّ أَوْ الْوَسَطَ أَوْ الْأَعْلَى أَوْ قِيمَةَ أَيِّ شَاةٍ يُؤَدِّي. رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْوَرَثَةَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَعْطَوْا شَاةً وَسَطًا وَإِنْ شَاءُوا أَعْطَوْا قِيمَةَ شَاةٍ وَسَطٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ: بِرْذَوْنِي الْأَشْقَرُ وَصِيَّةً لِفُلَانٍ فَهَذَا عَلَى مَا يَمْلِكُ لَا عَلَى مَا يَسْتَفِيدُ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ: عَبْدِي الْأَعْمَى أَوْ السِّنْدِيُّ أَوْ الْحَبَشِيُّ لِفُلَانٍ.
وَلَوْ قَالَ: عَبِيدِي لِفُلَانٍ أَوْ بَرَاذِينِي لِفُلَانٍ وَلَمْ يُضِفْ إلَى شَيْءٍ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ لَهُ فِي الْحَالِ وَمَا يَسْتَفِيدُ قَبْلَ الْمَوْتِ.
رَجُلٌ قَالَ: هَذِهِ الْبَقَرَةُ لِفُلَانٍ - قَالَ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهُ قِيمَتَهَا، وَلَوْ قَالَ: هِيَ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِقِيمَتِهَا وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُنَّ ثَلَاثٌ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَهُنَّ ثَلَاثَةٌ مِنْ خَمْسَةِ أَسْهُمٍ وَسَهْمٌ لِلْفُقَرَاءِ وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِفُلَانٍ وَلِلْمَسَاكِينِ فَنِصْفُهُ لِفُلَانٍ وَنِصْفُهُ لِلْمَسَاكِينِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْمَسَاكِينِ؛ لَهُ صَرْفُهُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ لَا يُصْرَفُ إلَّا إلَى مِسْكِينَيْنِ.
وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ فَقَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُك وَأَدْخَلْتُك مَعَهُ فَالثُّلُثُ لَهُمَا.
وَإِنْ أَوْصَى بِمِائَةٍ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا فَلَهُ ثُلُثُ كُلِّ مِائَةٍ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَلِآخَرَ بِمِائَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا لَهُ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ.
وَمَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَقَالَ لِوَرَثَتِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ، فَصَدَّقُوهُ فِيمَا قَالَ، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إلَى الثُّلُثِ أَيْ إذَا ادَّعَى الدَّيْنَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ فَإِنْ أَوْصَى بِوَصَايَا مَعَ ذَلِكَ عُزِلَ الثُّلُثُ لِأَصْحَابِ الْوَصَايَا وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا عُزِلَ يُقَالُ لِأَصْحَابِ الْوَصَايَا: صَدِّقُوهُ فِيمَا شِئْتُمْ، وَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: صَدِّقُوهُ فِيمَا شِئْتُمْ، فَإِذَا أَقَرَّ كُلُّ فَرِيقٍ بِشَيْءٍ ظَهَرَ أَنَّ فِي التَّرِكَةِ دَيْنًا شَائِعًا فِي النَّصِيبَيْنِ فَيُؤْخَذُ أَصْحَابُ الثُّلُثِ بِثُلُثِ مَا أَقَرُّوا وَالْوَرَثَةُ بِثُلُثَيْ مَا أَقَرُّوا يَنْفُذُ إقْرَارُ كُلِّ فَرِيقٍ فِي قَدْرِ حَقِّهِ وَعَلَى كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا الْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
إذَا أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ وَوَارِثِهِ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ، وَعَلَى هَذَا إذَا أَوْصَى لِلْقَاتِلِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ لِوَارِثِهِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ حَيْثُ لَا يَصِحُّ لِلْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
قَالَ الْإِمَام التُّمُرْتَاشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا مَا ذَكَرَهُ حُكْمُ الْبَطَلَانِ فِي الْإِقْرَارِ فِيمَا إذَا تَصَادَقَا، فَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْأَجْنَبِيُّ شَرِكَةَ الْوَارِثِ أَوْ الْوَارِثُ أَنْكَرَ شَرِكَةَ الْأَجْنَبِيِّ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ أَيْضًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَابَّةٍ أَوْ بِثَوْبٍ فَإِنَّ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهُ أَيَّ دَابَّةٍ وَأَيَّ ثَوْبٍ شَاءُوا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ جَيِّدٍ وَوَسَطٍ وَرَدِيء فَأَوْصَى بِكُلِّ وَاحِدٍ لِرَجُلٍ فَضَاعَ ثَوْبٌ وَلَا يَدْرِي أَيَّهَا هُوَ وَالْوَرَثَةُ يَجْحَدُونَ ذَلِكَ - فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَمَعْنَى جُحُودِهِمْ أَنْ يَقُولَ