للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرْضِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّلَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنُّذُورِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَصَوْمِ التَّطَوُّعِ وَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَإِعْتَاقِ النَّسَمَةِ وَذَبْحِ الْبَدَنَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ كَانَتْ لِلْعِبَادِ كَالْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ وَبَكْرٍ وَخَالِدٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثُّلُثُ لَا يَسَعُ الْكُلَّ لَكِنَّ الْوَرَثَةَ أَجَازَتْ فَأَمَّا إذَا كَانَ الثُّلُثُ لَا يَسَعُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالْوَصَايَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَهِيَ الْوَصِيَّةُ بِالْقُرْبِ، أَوْ كَانَ بَعْضُهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَالْبَعْضُ لِلْعِبَادِ أَوْ كَانَ الْكُلُّ لِلْعِبَادِ فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ فَرَائِضَ أَوْ وَاجِبَاتٍ أَوْ نَوَافِلَ، أَوْ اجْتَمَعَ فِي الْوَصَايَا مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالتَّطَوُّعَاتِ، فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فَرَائِضَ مُتَسَاوِيَةً يَبْدَأُ بِمَا قَدَّمَهُ الْمُوصِي، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَإِذَا أَوْصَى بِالْحَجِّ مَعَ الزَّكَاةِ يَبْدَأُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَخَّرَ الْحَجَّ فِي الْوَصِيَّةِ لَفْظًا وَفِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مَعَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الْمَيِّتُ بِهِ، وَفِي عِتْقِ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ يَبْدَأُ بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَقَالُوا فِي الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ: إنَّهُمَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الْكَفَّارَاتِ الْكَفَّارَاتُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُضْحِيَّةُ أَيْضًا وَاجِبَةً عِنْدَنَا لَكِنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مُتَّفَقٌ عَلَى وُجُوبِهَا وَالْأُضْحِيَّةُ وُجُوبُهَا مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ فَالْمُتَّفَقُ عَلَى الْوُجُوبِ أَقْوَى فَكَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِهَا أَوْلَى، وَكَذَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى كَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَقَالُوا: إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ تُقَدَّمُ عَلَى الْمَنْذُورِ بِهِ وَالْمَنْذُورُ بِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَالْأُضْحِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّوَافِلِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَصَايَا إعْتَاقٌ مُنَجَّزٌ أَوْ إعْتَاقٌ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ إعْتَاقٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ فَإِنْ كَانَ يُقَدِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ الْمُنَجَّزَ وَالْمُعَلَّقَ بِالْمَوْتِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَكَانَ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ أَوْصَى بِحَجَّةٍ وَوُجُوهِ الْقُرَبِ وَمَصَالِحِ مَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ وَأَوْصَى بِوَصَايَا أُخَرَ لِأَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى الْوَصَايَا كُلِّهَا فَمَا أَصَابَ الْأَعْيَانُ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَخُصُّهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا أَصَابَ الْقُرَبُ وَلَيْسَ فِيهَا وَاجِبٌ غَيْرُ الْحَجِّ بُدِئَ بِالْحَجِّ فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْحَجُّ جَمِيعَ ذَلِكَ بَطَلَ مَا سِوَاهُ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْحَجِّ شَيْءٌ بُدِئَ بِاَلَّذِي بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ بَدَأَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَزَّعَ عَلَيْهَا بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْإِعْتَاقِ فَإِنْ كَانَ إعْتَاقًا وَاجِبًا فِي كَفَّارَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْكَفَّارَاتِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْوَصَايَا الْمُتَنَفَّلِ بِهَا مِنْ الصَّدَقَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَتْ الْوَصَايَا بَعْضُهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَبَعْضُهَا لِلْعِبَادِ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ يَتَضَارَبُونَ بِوَصَايَاهُمْ فِي الثُّلُثِ، ثُمَّ مَا أَصَابَ الْعِبَادُ فَهُوَ لَهُمْ لَا يَتَقَدَّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَمَا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى يَجْمَعُ ذَلِكَ فَيَبْدَأُ مِنْهَا بِالْفَرَائِضِ ثُمَّ بِالْوَاجِبَاتِ، ثُمَّ بِالنَّوَافِلِ.

وَإِنْ كَانَ مَعَ الْوَصَايَا لِلَّهِ تَعَالَى وَصِيَّةٌ لِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ يَضْرِبُ بِمَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ مَعَ الْوَصَايَا بِالْقُرَبِ وَيَجْعَلُ كُلَّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرَبِ مُنْفَرِدَةً بِالضَّرْبِ.

فَإِنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي فِي الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَلِزَيْدٍ فَإِنَّ الثُّلُثَ يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ، وَسَهْمٌ لِلْحَجِّ، وَسَهْمٌ لِلزَّكَاةِ، وَسَهْمٌ لِلْكَفَّارَاتِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ سَنَةً بِمِائَةٍ أَحَجُّوا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ عِتْقُ النَّسَمَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَصَايَا كُلُّهَا لِلْعِبَادِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى وَلَا يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ حَتَّى قِيلَ: لَوْ كَانَ مِنْ الْوَصَايَا عِتْقٌ مُنْفَذٌ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْوَصَايَا، فَأَمَّا إذَا اسْتَوَتْ فِي الْقُوَّةِ فَإِنَّهُمْ يَتَحَاصُّونَ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَضْرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَقِّهِ فِي الثُّلُثِ وَلَا يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الْمَيِّتُ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا نَوَافِلَ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا عَيْنًا بِأَنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ تَطَوُّعًا أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ نَسَمَةً وَلَمْ يُعَيِّنْهَا تَطَوُّعًا أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا بِأَعْيَانِهِمْ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ، نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِ النَّسَمَةِ لَا بِعَيْنِهَا صَحَّتْ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْعَبْدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُعْطِيَ مِائَةَ دِرْهَمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَمِائَةً لِلْأَقْرِبَاءِ وَأَنْ يُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ لِمَا تَرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ فَمَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةُ شَهْرٍ وَثُلُثُ مَالِهِ لَا يَبْلُغُ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى مِائَةٍ لِلْفُقَرَاءِ وَمِائَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>