فَهُوَ عَلَى قَرَابَتِهِ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى لَوْ كَانَ آبَاؤُهُ عَلَى غَيْرِ دِينِهِ دَخَلُوا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ عِبَارَةٌ عَمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْأَبِ دُونَ الْأُمِّ. وَكَذَلِكَ الْحَسَبُ فَإِنَّ الْهَاشِمِيَّ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ يُنْسَبُ الْوَلَدُ إلَيْهِ لَا إلَى أُمِّهِ وَحَسَبُهُ أَهْلُ بَيْتِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ فَثَبَتَ أَنَّ الْحَسَبَ وَالنَّسَبَ يَخْتَصَّانِ بِالْأَبِ دُونَ الْأُمِّ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى لِجِنْسِ فُلَانٍ فَهُمْ بَنُو الْأَبِ، وَكَذَلِكَ اللُّحْمَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْجِنْسِ.
وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ لِآلِ فُلَانٍ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لِأَهْلِ بَيْتِ فُلَانٍ وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أَوْصَتْ الْمَرْأَةُ لِجِنْسِهَا أَوْ لِأَهْلِ بَيْتِهَا لَا يَدْخُلُ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّ وَلَدَهَا يُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ لَا إلَى أُمِّهِ إلَّا إذَا كَانَ زَوْجُهَا مِنْ عَشِيرَتِهَا، كَذَا فِي الزِّيَادَاتِ شَرْحِ الْعَتَّابِيِّ.
وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَهْلِهِ أَوْ لِأَهْلِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ لِلزَّوْجَةِ خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهَا قِيَاسًا إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا وَجَعَلْنَا الْوَصِيَّةَ لِكُلِّ مَنْ يَكُونُ فِي عِيَالِهِ وَنَفَقَتِهِ وَيَضُمُّهُ بَيْتُهُ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ مَمَالِيكُهُ، وَلَوْ كَانَ أَهْلُهُ بِبَلْدَتَيْنِ أَوْ فِي بَيْتَيْنِ دَخَلُوا تَحْتَ الْوَصِيَّةِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَوْصَى لِإِخْوَتِهِ الثَّلَاثِ الْمُتَفَرِّقِينَ وَلَهُ ابْنٌ جَازَتْ لَهُمْ الْوَصِيَّةُ بِالسَّوِيَّةِ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ مَعَ الِابْنِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِأَبٍ وَلِلْأَخِ لِأُمٍّ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُ مَعَ الْبِنْتِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَلَا بِنْتٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا لِلْأَخِ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَلِلْأَخِ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّهُمَا يَرِثَانِهِ.
وَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأَوْصَتْ بِنِصْفِ مَالِهَا لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ مَالِهَا وَلِلزَّوْجِ ثُلُثُ الْمَالِ وَالسُّدُسُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَالِ أَوَّلًا بِلَا مُنَازَعَةٍ يَبْقَى ثُلُثَا الْمَالِ يَأْخُذُ الزَّوْجُ نِصْفَ مَا بَقِيَ وَهُوَ الثُّلُثُ يَبْقَى ثُلُثُ الْمَالِ فَيَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ تَمَامَ وَصِيَّتِهِ وَهُوَ السُّدُسُ يَبْقَى السُّدُسُ فَيَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
وَلَوْ أَوْصَتْ لِقَاتِلِهَا بِنِصْفِ الْمَالِ، ثُمَّ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجًا يَأْخُذُ الزَّوْجُ نِصْفَ مَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْقَاتِلُ نِصْفَ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ لِبَيْتِ الْمَالِ.
وَلَوْ أَوْصَتْ الْمَرْأَةُ بِنِصْفِ مَالِهَا لِزَوْجِهَا وَلَمْ تُوصِ وَصِيَّةً أُخْرَى كَانَ جَمِيعُ مَالِهَا لِلزَّوْجِ النِّصْفُ بِحُكْمِ الْمِيرَاثِ وَالنِّصْفُ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهَا وَأَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِامْرَأَتِهِ بِجَمِيعِ مَالِهِ؛ يَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ ثُلُثَ الْمَالِ بِلَا مُنَازَعَةٍ وَلِلْمَرْأَةِ رُبُعُ مَا بَقِيَ وَهُوَ السُّدُسُ بِحُكْمِ الْمِيرَاثِ وَيَبْقَى نِصْفُ الْمَالِ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ نِصْفَيْنِ.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ وَأَوْصَتْ بِجَمِيعِ مَالِهَا لِزَوْجِهَا وَلَيْسَ لَهَا وَارِثٌ سِوَاهُ وَأَوْصَتْ بِجَمِيعِ مَالِهَا لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ أَوْصَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْمَالِ يَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ أَوَّلًا ثُلُثَ الْمَالِ بِلَا مُنَازَعَةٍ يَبْقَى ثُلُثَا الْمَالِ لِلزَّوْجِ نِصْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِقَدْرِ الثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمِيرَاثِ يَبْقَى ثُلُثُ الْمَالِ يَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ أَثْلَاثًا، ثُلُثُ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَثُلُثَاهُ لِلزَّوْجِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِقَرَابَتِي وَلِغَيْرِهِمْ؟ (قَالَ) هُوَ كُلُّهُ لِلْقَرَابَةِ وَلَا يُرَدُّ مِنْهُ إلَى الْوَرَثَةِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قَالَ: لِقَرَابَتِي وَلِبَنِي آدَمَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَوْ أَوْصَى لِإِخْوَانِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَهُمْ الَّذِينَ كَانُوا يُعْرَفُونَ بِإِخَائِهِ وَيُنْسَبُونَ إلَيْهِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِحَشَمِهِ فَحَشَمُهُ كُلُّ مَنْ كَانَ يَعُولُهُ وَتَجْرِي عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَلَدُهُ وَوَالِدَاهُ وَلَا زَوْجَتُهُ وَلَا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرُهُ وَرَقِيقُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُ قَرَابَتِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ أَوْصَى لِقَوْمِهِ أَوْ لِعِتْرَتِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَقُولَ: لِفُقَرَائِهِمْ وَلَا يَدْخُلُ مَوَالِيهِمْ. وَلَوْ أَوْصَى لِقُدَمَائِهِ فَهُوَ مَنْ يَصْحَبُهُ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ: وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِبَنِي فُلَانٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَ فُلَانٌ أَبَا قَبِيلَةٍ يَعْنِي أَبَا جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ كَتَمِيمٍ لِبَنِي تَمِيمٍ وَأَسَدٍ لِبَنِي أَسَدٍ، أَوْ كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا لَيْسَ بِأَبِي جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ وَاعْلَمْ بِأَنَّ أَوَّلًا الْأَسَامِيَ فِي هَذَا الْبَابِ الشَّعْبُ بِفَتْحِ الشِّينِ، ثُمَّ الْقَبِيلَةُ، ثُمَّ الْعِمَارَةُ، ثُمَّ الْبَطْنُ، ثُمَّ الْفَخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ، فَمُضَرٌ لِقُرَيْشٍ شَعْبٌ وَكِنَانَةُ قَبِيلَةٌ وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ وَقُصَيٌّ بَطْنٌ وَهَاشِمٌ أَبُو جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخِذٌ وَالْعَبَّاسُ فَصِيلَةٌ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيَانَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِبَنِي كِنَانَةَ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةٍ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ مُضَرَ وَيَدْخُلُ أَوْلَادُ كِنَانَةَ إلَى الْفَصِيلَةِ وَأَوْلَادُهُ إذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ، وَإِذَا