للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيمَتَهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّتَانِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى أَنْ تُكَاتَبَ جَارِيَتُهُ هَذِهِ وَيُتَصَدَّقَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْ تُبَاعُ نَفْسُهَا وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا فَرَدَّتْ الْجَارِيَةُ الْكِتَابَةَ وَالْبَيْعَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّتَانِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ هَذِهِ نَسَمَةً وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَدًا بِيعَتْ هِيَ وَحْدَهَا نَسَمَةً وَلَمْ يُبَعْ مَعَهَا وَلَدُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَلِآخَرَ بِخِدْمَتِهِ سَنَتَيْنِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ خَدَمَ الْوَرَثَةَ سِتَّةَ أَيَّامٍ وَالْمُوصَى لَهُمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَوْمًا لِصَاحِبِ السَّنَةِ وَيَوْمَيْنِ لِصَاحِبِ السَّنَتَيْنِ حَتَّى يَمْضِيَ تِسْعُ سِنِينَ. وَلَوْ عَيَّنَ فَقَالَ: لِفُلَانٍ هَذِهِ السَّنَةُ وَلِفُلَانٍ هَذِهِ وَسَنَةٌ أُخْرَى، يَخْدُمُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى الْوَرَثَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَيَخْدُمُهُمَا يَوْمَيْنِ وَفِي الثَّانِيَةِ الْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ يَوْمًا، وَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْأَمَةِ لِفُلَانٍ وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ أَوْ بِهَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَبِبِنَائِهَا لِآخَرَ أَوْ بِهَذَا الْخَاتَمِ لِفُلَانٍ وَبِفَصِّهِ لِآخَرَ أَوْ بِهَذِهِ الْقَوْصَرَّةِ لِفُلَانٍ وَبِالثَّمَرَةِ الَّتِي فِيهَا لِآخَرَ فَإِنْ وَصَلَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَوْصَى وَإِنْ فَصَلَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفَرِدُ صَاحِبُ الْأَصْلِ بِالْأَصْلِ وَيَشْتَرِكَانِ فِي التَّبَعِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ أَوْصَى بِهَذَا الْعَبْدِ لِفُلَانٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ أَوْ أَوْصَى بِهَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَسُكْنَاهَا لِفُلَانٍ آخَرَ أَوْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ لِفُلَانٍ وَثَمَرَتِهَا لِآخَرَ أَوْ بِهَذِهِ الشَّاةِ لِفُلَانٍ وَبِصُوفِهَا لِآخَرَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا سَمَّى لَهُ بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ كَانَ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا وَلَوْ ابْتَدَأَ بِالتَّبَعِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ثُمَّ بِالْأَصْلِ بِأَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ لِإِنْسَانٍ، ثُمَّ بِالْعَبْدِ لِآخَرَ، أَوْ أَوْصَى بِسُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِالدَّارِ لِآخَرَ أَوْ بِالثَّمَرَةِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِالشَّجَرَةِ لِآخَرَ فَإِنْ ذُكِرَ مَوْصُولًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا سَمَّى لَهُ بِهِ وَإِنْ ذُكِرَ مَفْصُولًا فَالْأَصْلُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْأَصْلِ وَالتَّبَعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.

وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِالْعَبْدِ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ، أَوْ أَوْصَى بِخَاتَمِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِفَصِّهِ لِآخَرَ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِالْخَاتَمِ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ بِالْفَصِّ، أَوْ أَوْصَى بِجَارِيَتِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِوَلَدِهَا لِآخَرَ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِالْجَارِيَةِ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ بِوَلَدِهَا فَالْأَصْلُ وَالتَّبَعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ نِصْفُ الْعَبْدِ لِهَذَا وَنِصْفُهُ لِآخَرَ وَلِهَذَا نِصْفُ خِدْمَتِهِ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ خِدْمَتِهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْجَارِيَةِ مَعَ وَلَدِهَا وَالْخَاتَمِ مَعَ الْفَصِّ، وَإِنْ كَانَ أَوْصَى لِلثَّانِي بِنِصْفِ الْعَبْدِ يُقَسَّمُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَكَانَ لِلثَّانِي نِصْفُ الْخِدْمَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجَعَ عَنْ هَذَا وَقَالَ: إذَا أَوْصَى بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ أَوْصَى بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ أَيْضًا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ فَإِنَّ الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا وَالْخِدْمَةَ كُلَّهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ، وَقَالُوا: لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَمَةٍ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِمَا فِي بَطْنِهَا وَأَوْصَى بِهَا أَيْضًا لِلَّذِي أَوْصَى لَهُ بِمَا فِي الْبَطْنِ فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْوَلَدُ كُلُّهُ لِلَّذِي أَوْصَى بِهِ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ.

وَلَوْ أَوْصَى بِالدَّارِ لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِبَيْتٍ فِيهَا بِعَيْنِهِ لِآخَرَ كَانَ الْبَيْتُ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ.

وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِمِائَةٍ مِنْهَا لِآخَرَ كَانَ تِسْعُمِائَةٍ لِصَاحِبِ الْأَلْفِ وَالْمِائَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى طَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ.

وَلَوْ أَوْصَى بِبَيْتٍ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ وَبِبِنَائِهِ لِآخَرَ كَانَ الْبِنَاءُ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

إذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَرَقَبَتِهِ جِنَايَةً فَالْفِدَاءُ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ فَإِذَا فَدَاهُ خَدَمَهُ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّهُ طَهَّرَهُ عَنْ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ انْتَقَضَتْ الْوَصِيَّةُ، ثُمَّ يُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ: أَدِّ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ ذَلِكَ الْفِدَاءَ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُرَدَّ الْفِدَاءَ عَلَى وَرَثَتِهِ بِيعَ فِيهِ الْعَبْدُ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ فِي عُنُقِهِ، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الْخِدْمَةِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَنْ يَفْدِيَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، فَأَيَّهُمَا صَنَعَ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ، وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ الْعَبْدَ خَطَأً وَلَمْ يَجْنِ الْعَبْدُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ قِيمَةٌ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا يَخْدُمُ صَاحِبَ الْخِدْمَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ وَصَاحِبُ الْخِدْمَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فَوَجَبَ قِيمَتُهُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا فَيَخْدُمُهُ مَكَانَهُ، وَلَوْ فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَيْهِ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ دُفِعَ الْعَبْدُ وَأُخِذَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>