للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْكِتَابِ: لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ الْمَتَاعِ وَالْعَرُوضِ وَالْعَقَارِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا، أَمَّا بَيْعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ فَلِأَنَّ مَا سِوَى الْعَقَارِ يَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ وَعَسَى يَكُونُ حِفْظُ الثَّمَنِ أَيْسَرَ وَيَبِيعُ الْعَقَارَ أَيْضًا فِي جَوَابِ الْكِتَابِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ السَّلَفِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَجَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ عَقَارِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الْعَقَارِ أَوْ يَكُونُ لِلصَّغِيرِ حَاجَةٌ إلَى ثَمَنِ الْعَقَارِ أَوْ يَرْغَبُ الْمُشْتَرِي فِي شِرَائِهِ بِضَعْفِ الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْكَافِي.

أَوْ يَكُونُ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ يُحْتَاجُ فِي تَنْفِيذِهَا إلَى ثَمَنِ الْعَقَارِ أَوْ يَكُونُ بَيْعُ الْعَقَارِ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ بِأَنْ كَانَ خَرَاجُهَا وَمُؤَنُهَا يَرْبُو عَلَى غَلَّاتِهَا أَوْ كَانَ الْعَقَارُ حَانُوتًا أَوْ دَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ وَيَتَدَاعَى إلَى الْخَرَابِ فَإِنْ وَقَعَتْ الْحَاجَةُ لِلصَّغِيرِ إلَى أَدَاءِ خَرَاجِهَا فَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ مَعَ الْعَقَارِ عَرُوضٌ يَبِيعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ لَا تَنْدَفِعُ بِمَا سِوَى الْعَقَارِ حِينَئِذٍ يَبِيعُ الْعَقَارَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يُتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ هَذَا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ كِبَارًا وَهُمْ حُضُورٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِأَمْرِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ غُيَّبًا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ الْعَقَارَ وَيَجُوزُ بَيْعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ وَيَجُوزُ إجَارَةُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ حِفْظَ مَالِ الْغَائِبِ وَبَيْعُ الْعَرُوضِ يَكُونُ مِنْ الْحِفْظِ أَمَّا الْعَقَارُ فَمَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ يَهْلِكُ لَوْ لَمْ يُبَعْ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْعَقَارُ بِمَنْزِلَةِ الْعَرُوضِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلُّهُمْ بَعْضُهُمْ غَائِبٌ وَالْبَاقِي حُضُورٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ نَصِيبِ الْغَائِبِ مِمَّا سِوَى الْعَقَارِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ عِنْدَ الْكُلِّ فَإِذَا جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ عِنْدَ الْكُلِّ جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ.

كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ إنْ كَانَ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ بِيعَ كُلُّ التَّرِكَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا بِيعَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ بِيعَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِقَدْرِ مَا يُنْفِذُ الْوَصِيَّةَ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِذَا مَلَكَ بَيْعَ الْبَعْضِ يَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ.

وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي كِبَارٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ وَالتَّرِكَةُ عُرُوضٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ نَصِيبِ الصَّغِيرِ وَعِنْدَ الْكُلِّ وَيَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا بَاعَ الْكُلَّ جَازَ بَيْعُهُ فِي الْكُلِّ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْكِبَارِ، وَالْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ثَبَتَ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ بَعْضِ التَّرِكَةِ ثَبَتَ لَهُ وِلَايَةُ بَيْعِ الْكُلِّ.

وَوَصِيُّ الْأَبِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ وَصِيُّ الْجَدِّ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْأَبِ وَوَصِيُّ وَصِيِّ الْجَدِّ بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْجَدِّ وَوَصِيُّ وَصِيِّ الْقَاضِي يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْقَاضِي إذَا كَانَ عَامًّا، وَأَمَّا وَصِيُّ الْأُمِّ وَوَصِيُّ الْأَخِ إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ وَتَرَكَتْ ابْنًا صَغِيرًا وَأَوْصَتْ إلَى رَجُلٍ أَوْ مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَخًا صَغِيرًا وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ يَجُوزُ بَيْعُ هَذَا الْوَصِيِّ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ مِنْ تَرِكَةِ هَذَا الْمَيِّتِ وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْعَقَارِ وَلَا يَجُوزُ لِهَذَا الْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ إلَّا الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ حِفْظِ الصَّغِيرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَصِيُّ الْأُمِّ لَا يَمْلِكُ عَلَى الصَّغِيرِ بَيْعَ مَا وَرِثَهُ الصَّغِيرُ مِنْ الْأَبِ الْعَقَارُ وَالْمَنْقُولُ وَالْمَشْغُولُ بِالدَّيْنِ وَالْخَالِي عَنْ الدَّيْنِ عَلَى السَّوَاءِ وَمَا كَانَ مَوْرُوثًا لِلصَّغِيرِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ إنْ كَانَ خَالِيًا عَنْ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ يَبِيعُ الْمَنْقُولَ وَلَا يَبِيعُ الْعَقَارَ، وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ إنْ كَانَ الدِّينُ مُسْتَغْرِقًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الْكُلَّ وَدَخَلَ بَيْعُ الْعَقَارِ تَحْتَ وِلَايَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُسْتَغْرَقًا يَبِيعُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَهَلْ يَبِيعُ الزِّيَادَةَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ؟ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَرَّ قَبْلَ هَذَا وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته وَصِيِّ الْأُمِّ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي وَصِيِّ الْأَخِ وَالْعَمِّ.

وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلُّهُمْ فَإِنْ كَانُوا حُضُورًا أَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ خَالِيَةً عَنْ الدَّيْنِ فَوَصِيُّ الْأُمِّ لَا يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ تَرِكَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِالدَّيْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>