للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْوَصِيُّ: تَرَكَ أَبُوكَ رَقِيقًا فَأَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِكَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا ثُمَّ إنَّهُمْ مَاتُوا أَوْ أُبْقُوا وَتِلْكَ النَّفَقَةُ نَفَقَةُ الْمِثْلِ. وَالصَّغِيرُ يُكَذِّبُهُ وَيَقُولُ: إنَّ أَبِي مَا تَرَكَ رَقِيقًا؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْعَبِيدَ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّ غُلَامًا لِلْيَتِيمِ أَبَقَ فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ فَأَعْطَيْت لَهُ جَعَلَهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَالِابْنُ يُنْكِرُ الْإِبَاقَ؛ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْوَصِيُّ بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا ادَّعَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَصِيُّ: لَمْ يَتْرُكْ أَبُوك رَقِيقًا لَكِنْ أَنَا اشْتَرَيْت لَك رَقِيقًا مِنْ مَالِك وَأَدَّيْت ثَمَنَهُمْ مِنْ مَالِك وَأَنْفَقْت عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِك أَيْضًا؛ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَمَتَى جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِيمَا ذَكَرْنَا يَحْلِفُ، هَذَا جَوَابُ الْكِتَابِ إلَّا أَنَّ مَشَايِخَنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يُسْتَحْسَنُ أَنْ يَحْلِفَ الْوَصِيُّ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِيَانَةٌ.

وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ادَّعَى أَنَّ وَالِدَ الصَّغِيرِ تَرَكَ كَذَا، وَكَذَا مِنْ الْغِلْمَانِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ مَاتُوا فَإِنْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْمَيِّتِ يَكُونُ لَهُ مِثْلُ مَا سَمَّى مِنْ الرَّقِيقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ وَلَا يَكُونُ لِمِثْلِهِ مِثْلُ ذَلِكَ الْغِلْمَانِ لَمْ أُصَدِّقْهُ.

وَإِنْ ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّهُ أَعْطَى الْيَتِيمَ فِي شَهْرٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَنَّهَا فَرِيضَةٌ وَأَنَّهُ ضَيَّعَهَا فَأَعْطَاهُ مِائَةً أُخْرَى فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ قَالَ: أُصَدِّقُهُ مَا لَمْ يَجِئْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ فَاحِشٍ، يَعْنِي يَقُولُ: أَعْطَيْته مِرَارًا كَثِيرَةً فَضَيَّعَهَا.

عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِيهِ أَنَّهُ لَهُ قَالَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ: إنِّي اشْتَرَيْت هَذَا الْغُلَامَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِك وَقَبَضْته وَدَفَعْت الثَّمَنَ إلَيْهِ وَأَنْفَقْت عَلَيْهِ مِنْ مَالِك كَذَا وَكَذَا فِي مُدَّةِ كَذَا، ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ غَلَبَ عَلَيَّ فَأَخَذَهُ مِنِّي وَكَذَّبَهُ الْيَتِيمُ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ فِي حَقِّ بَرَاءَتِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ حَتَّى لَا يُؤْخَذَ الْعَبْدُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ ذِي الْيَدِ، إمَّا مُدَّعٍ أَوْ شَاهِدٌ وَالْحُكْمُ لَا يُقْطَعُ بِالدَّعْوَى وَلَا بِشَهَادَةِ الْفَرْدِ، أَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ مُنْكَرٌ لِلضَّمَانِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ: فَرَضَ الْقَاضِي لِأَخِيكَ الزَّمِنِ هَذَا نَفَقَةً فِي مَالِك كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَأَدَّيْت إلَيْهِ لِكُلِّ شَهْرٍ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ فَكَذَّبَهُ الِابْنُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ عِنْدَ الْكُلِّ وَيَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ كَانَ الْوَصِيُّ قَالَ لَهُ: أَبُوك مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَرْضَ لَك وَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ فَأَدَّيْت خَرَاجَهَا إلَى السُّلْطَانِ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا، وَقَالَ الْوَارِثُ: لَمْ يَمُتْ أَبِي إلَّا مُنْذُ سَنَتَيْنِ؛ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي فِي الْجُعْلِ، وَكَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَاخْتَلَفَا فِي أَرْضٍ فِيهَا مَاءٌ لَا يُسْتَطَاعُ مَعَهُ الزِّرَاعَةُ فَقَالَ الْوَارِثُ: لَمْ يَزُلْ كَذَلِكَ وَلَمْ يَجِبْ خَرَاجُهَا، وَقَالَ الْوَصِيُّ: إنَّمَا غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ لِلْحَالِ وَقَدْ أَدَّيْت خَرَاجَهَا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي فِي الْجُعْلِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَوْ كَانَتْ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ لَا مَاءَ فِيهَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ مَعَ يَمِينِهِ.

وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ: إنَّك اسْتَهْلَكْت عَلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي صِغَرِك كَذَا وَكَذَا فَقَضَيْته عَنْك - فَكَذَّبَهُ الْيَتِيمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْيَتِيمِ وَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ عِنْدَ الْكُلِّ.

وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ: إنَّ عَبْدَك هَذَا قَدْ أَبَقَ إلَى الشَّامِ فَاسْتَأْجَرْتُ رَجُلًا فَجَاءَ بِهِ مِنْ الشَّامِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَعْطَيْت الْأَجْرَ وَأَنْكَرَ الْيَتِيمُ ذَلِكَ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا.

وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ فِي هَذَا كُلِّهِ: إنَّمَا أَدَّيْتُ ذَلِكَ مِنْ مَالِي لِأَرْجِعَ بِهِ عَلَيْك وَكَذَّبَهُ الْيَتِيمُ فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَحْضَرَ الْوَصِيُّ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي فَقَالَ: إنَّ هَذَا رَدَّ عَبْدًا لِصَغِيرٍ مِنْ الْإِبَاقِ فَوَجَبَ لَهُ الْجُعْلُ وَفِي يَدَيَّ مَالُ هَذَا الصَّغِيرِ فَأَعْطَيْته هَلْ يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي قِيلَ: هَذَا عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا يُصَدِّقُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَأَقَرَّ وَصِيُّهُ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ قَبَضَهُ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ خَصْمًا فِي قَبْضِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ وَكِيلًا فِي قَبْضِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>