للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ الطَّرِيقُ ثُمَّ بِالْجِوَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيَّنَ حَتَّى يَعْلَمَ الْقَاضِي هَلْ هُوَ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِهِ وَكَتَبَ أَوَّلَ مَا أُخْبِرَ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يَكْتُبْ حِينَ عَلِمَ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ حَقِيقَةً لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ يَسْقُطُ إذَا لَمْ يُطْلَبْ عِنْدَ إخْبَارِ مَنْ دُونَهُمْ فَإِنَّ الْمُخَبِّرَ إذَا كَانَ رَسُولًا وَهُوَ عَدْلٌ أَوْ فَاسِقٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ صَغِيرٌ أَوْ بَالِغٌ وَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ فَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِذَا كَانَ الْمُخَبِّرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخْبَرَهُ بِالْبَيْعِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عُدُولٌ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ.

وَرَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وُجِدَ فِي الْمُخَبِّرِ أَحَدُ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ إمَّا الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ هَذَا الْوَاحِدُ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ هَذَا الْمُخَبِّرِ فَكَتَبْنَا أَوَّلَ مَا أُخْبِرَ حَتَّى لَا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ تَرَكَ الطَّلَبَ عِنْدَ إخْبَارِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمَثْنَى وَتَوَقَّفَ إلَى وَقْتِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَقَدْ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ وَكَتَبْنَا أَوَّلَ مَا أُخْبِرَ حَتَّى لَا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ أُخْبِرَ مَرَّةً وَلَمْ يَطْلُبْ ثُمَّ أُخْبِرَ ثَانِيًا وَطَلَبَ، وَهَذَا الطَّلَبُ لَا يَصِحُّ فَكَتَبْنَا ذَلِكَ لِقَطْعِ هَذَا الْوَهْمِ وَكَتَبْنَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ سَاعَتَئِذٍ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَوْ لَمْ يَطْلُبْ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ.

وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ وَقَّتَهُ بِمَجْلِسِ الْعِلْمِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ اقْتَصَرْنَا عَلَى أَنَّهُ طَلَبَ طَلَبًا صَحِيحًا بِمَا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُبْ عَلَى الْفَوْرِ وَطَلَبَ بَعْدَ ذَلِكَ وَوَصَفَهُ الْكَاتِبُ بِالصِّحَّةِ مُتَأَوِّلًا قَوْلَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ كَتَبْنَا لَفْظَ " طَلَبَ الشُّفْعَةَ " وَالْمَشَايِخُ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إذَا طَلَبَ بِأَيِّ لَفْظٍ عُرِفَ فِي مُتَعَارَفِ النَّاسِ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ الطَّلَبَ أَنَّهُ يَصِحُّ بِأَنْ قَالَ: طَلَبْتُ، أَطْلُبُ، أَنَا طَالِبٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْإِشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَكَذَلِكَ حَضْرَةُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الدَّارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ.

ثُمَّ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ يَحْتَاجُ إلَى طَلَبِ الْإِشْهَادِ وَالتَّقْرِيرِ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذَا الطَّلَبِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ عِنْدَ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ، وَهَذَا الطَّلَبُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَحَدُ هَؤُلَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ أَحَدِ هَؤُلَاءِ يَكْتَفِي بِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ آخَرَ بَعْدَهُ سِوَى طَلَبِ التَّمْلِيكِ، وَمُدَّةُ هَذَا الطَّلَبِ مُقَدَّرَةٌ بِالتَّمَكُّنِ عِنْدَ حَضْرَةِ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَ حَقُّهُ وَالْإِشْهَادُ فِي هَذَا الطَّلَبِ غَيْرُ لَازِمٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يُشْهِدْ وَالْخَصْمُ اعْتَرَفَ بِهَذَا الطَّلَبِ كَفَاهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الطَّلَبُ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَإِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَتَوَثَّقَ بِالْكِتَابَةِ لِطَلَبِ الْإِشْهَادِ كَتَبَ هَذَا كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ مَا اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ وَيَنْسَخُ كِتَابَ الشِّرَاءِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَهُ وَإِنَّ فُلَانًا - يَعْنِي الشَّفِيعَ - أَوَّلُ مَا أُخْبِرَ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ مِنْهُ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ طَلَبَ الشُّفْعَةَ سَاعَتَئِذٍ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبَ الْإِشْهَادَ وَالتَّقْرِيرَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ وَتَقْصِيرٍ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ وَيَذْكُرُ ذَلِكَ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَذْكُرَ الطَّلَبَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ فَابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: الشَّفِيعُ يَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَالْخُصُومَةُ مَعَهُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْحَالَيْنِ وَالْخُصُومَةُ مَعَهُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ.

وَعِنْدَنَا الْخُصُومَةُ مَعَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>