للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا شَيْئًا بِثَمَنٍ هُوَ مِثْلُ تِلْكَ الْأُجْرَةِ وَالْأَحْوَطُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِفَسْخِهَا أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجَبَ مَالَانِ أَحَدُهُمَا الْمُقَرُّ بِهِ وَالثَّانِي مَالُ الْإِجَارَةِ الَّذِي أَقَرَّ بِقَبْضِهِ وَلَمْ يَضْمَنْ بِسَبَبِ الْإِبْرَاءِ عَنْ مَالِ الْإِجَارَةِ شَيْئًا (وَهُنَا شَيْءٌ يَجِبُ أَنْ يُتَحَرَّزَ عَنْهُ) وَهُوَ أَنَّ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْوُجُوهِ ضَرَرًا لِلْمُؤَاجِرِ وَفِي بَعْضِهَا ضَرَرًا لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمُقَرَّ بِهِ إنْ جُعِلَ مُؤَجَّلًا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَسَى تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ أَوْ بِالْفَسْخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَيَبْقَى الْمَالُ مُؤَجَّلًا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَيَتَضَرَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِنْ جُعِلَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ الْفَسْخِ كَانَ وَقْتُ الْفَسْخِ مَجْهُولًا وَالتَّأْجِيلُ إلَيْهِ يَبْطُلُ فَبَقِيَ الْمَالُ حَالًّا فَيَتَضَرَّرُ الْمُؤَاجِرُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُؤَاخِذُهُ بِالْمَالِ حَالًّا.

وَالشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ فِي يَدِهِ بِحَقِّ الْإِجَارَةِ بِغَيْرِ بَدَلٍ أَدَّاهُ فَالسَّبِيلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ ثُمَّ يُوَكِّلَ الْمُسْتَأْجِرَ بِإِبْطَالِ هَذَا الْأَجَلِ مَتَى انْفَسَخَ هَذَا الْعَقْدُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَزَلَهُ عَادَ مَأْذُونًا لَهُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ زَالَ الضَّرَرُ عَنْهُمَا جَمِيعًا وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ التَّوْكِيلِ بِوَقْتٍ مُنْتَظَرٍ وَعَلَى هَذَا أَمْرُ الْوَقْفِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي الْوَقْفِ بَيْنَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ وَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَبَعْضُهُمْ أَبْطَلُوا فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ مَخَافَةَ التَّمَلُّكِ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يُلْحِقَ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ فَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ لِلْيَتِيمِ أَوْ لِلْوَقْفِ فَهَذَا الْوَجْهُ جَارٍ فِيهِ (قَالَ) مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَوَجْهٌ آخَرُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ مَثَلًا عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً بِأَلْفٍ فَيَنْظُرَ كَمْ أَجْرُ مِثْلِ هَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ فَإِنْ كَانَ مَثَلًا خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَقَدَ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ كُلُّ سَنَةٍ بِسُدُسِ دِرْهَمٍ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ حَتَّى يَقَعَ الْعَقْدُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ وَيُجَدِّدُ الْعَقْدَ هَكَذَا فِي كُلِّ عَشْرِ سِنِينَ وَيَعْقِدُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَهَذَا مَجْمُوعُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْحَاكِمُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(فَإِنْ أَرَادَ كِتَابَةَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ) كَتَبَ هَذَا مَا فَسَخَ فُلَانٌ إجَارَةَ الْمَنْزِلِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ وَيَحُدُّ الْمَنْزِلَ إجَارَةً طَوِيلَةً بِكَذَا دِرْهَمًا أَوَّلُهَا تَارِيخُ كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا فَسَخَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فِي الْأَيَّامِ الْمَشْرُوطِ لَهُ فِيهَا الْخِيَارُ وَهُوَ يَوْمُ كَذَا وَيَذْكُرُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ أَيَّامِ خِيَارِهِ وَالْأَوْسَطَ وَالْآخِرَ فَسْخًا صَحِيحًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ مَنْ أَثْبَتَ شَهَادَتَهُ فِي آخِرِ هَذَا الذِّكْرِ وَأَصَحُّ الْفَسْخِ فِي هَذَا أَنْ يَفْسَخَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوْسَطِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الْآخِرِ أَوْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَسَى أَنْ يَقَعَ الْفَسْخُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ مَا قُلْنَا (وَإِنْ كَانَ لِنَوْعٍ مِنْ الْأَعْمَالِ وَالصِّنَاعَاتِ كَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا) بَيَّنْتَ وَقُلْتَ يَسْتَعْمِلُهُ بِالْخِيَاطَةِ فِي أَنْوَاعِ الثِّيَابِ كُلِّهَا وَجَمِيعِ مَا يُخَاطُ عَلَى مَا رَأَى وَأَحَبَّ وَيُؤَاجِرُهُ مِمَّنْ أَحَبَّ وَيُسَافِرُ بِهِ إنْ بَدَا لَهُ يَعْمَلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَإِنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَالْأَعْمَالِ وَالصِّنَاعَاتِ كُلِّهَا بَيَّنْتَ ذَلِكَ ثُمَّ تُبَيِّنُ حَدِيثَ الْأَجْرِ مِنْ التَّأْجِيلِ وَالتَّعْجِيلِ وَالتَّأْقِيتِ وَبَيَّنْتَ الرُّؤْيَةَ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَالَ إجَارَةُ مَحْدُودِ الصَّغِيرِ أَوْ الْوَقْفِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْمُقَاطَعَةُ وَهِيَ هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ فُلَانٌ - أَعْنِي رَبَّ الْمَالِ - مِنْ فُلَانٍ الْقَيِّمِ فِي تَسْوِيَةِ أُمُورِ الصَّغِيرِ فُلَانٍ الثَّابِتِ الْقِوَامَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهُ يُؤَجِّرُهُ مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ بِهَذِهِ الْوِلَايَةِ وَالْقِوَامَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ يَوْمَئِذٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِهَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ.

(وَإِنْ كَانَتْ الْمُقَاطَعَةُ لِلْمَنْزِلِ الْمُسْتَأْجَرِ) كَمَا هُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ بِأَنْ يُؤَاجِرَ رَجُلٌ مَنْزِلَهُ مِنْ آخَرَ بِمَالٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يَسْتَأْجِرَهُ الْآخَرُ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَيَضْمَنُ الْآجِرُ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ مَالِكُ الْمَنْزِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>