للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالزِّيَادَةُ إنَّمَا تَتَأَكَّدُ بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ: إمَّا بِالدُّخُولِ، وَإِمَّا بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ، وَإِمَّا بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَتَنَصَّفَ الْأَصْلُ وَلَا تَتَنَصَّفُ الزِّيَادَةُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ هِبَةِ الْمَهْرِ صَحِيحَةٌ وَفِي إكْرَاهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ بَاطِلَةٌ وَهَكَذَا رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصُورَةُ مَا رَوَى بِشْرٌ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ زَادَهَا فِي الْمَهْرِ لَمْ تَصِحَّ وَكَذَلِكَ إذَا انْتَقَضَتْ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ زَادَهَا فِي الْمَهْرِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ

وَفِي الْقُدُورِيِّ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ إذَا قَالَ لَهَا زَوْجُهَا: زِدْتُ فِي مَهْرِكِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَلَوْ قَالَ لَهَا: رَاجَعْتُكِ بِمَهْرِ أَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ قَبِلَتْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْمَهْرِ فَتَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ قَبُولُ الزِّيَادَةِ فِي الْمَجْلِسِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ

امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ إنْ الزَّوْجُ أَشْهَدَ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ، كَذَا مِنْ مَهْرِهَا؛ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَصِحَّ وَلَا يُجْعَلَ زِيَادَةً بِلَا قَصْدِ الزِّيَادَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ

وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ بِأَلْفَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ وَمَهْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَى عَكْسِ هَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفَتْوَى الْقَاضِي الْإِمَامِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ الثَّانِي شَيْءٌ إلَّا إذَا عَنَى بِالزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْمَهْرُ الثَّانِي، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ

وَقِيلَ لَوْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا ثُمَّ جَدَّدَ الْمَهْرَ لَا يَجِبُ الثَّانِي بِالِاتِّفَاقِ وَقِيلَ عَلَى الِاخْتِلَافِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَإِنْ جَدَّدَ النِّكَاحَ لِلِاحْتِيَاطِ لَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ بِلَا نِزَاعٍ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ

إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا ثُمَّ زَادَهَا الزَّوْجُ فِي الْمَهْرِ شَيْئًا مَعْلُومًا فَالزِّيَادَةُ لِلْمَوْلَى وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الزِّيَادَةَ لَهَا وَلَا أُجْبِرُ الزَّوْجَ عَلَى دَفْعِ الزِّيَادَةِ إلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ بَاعَهَا فَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا أُجْبِرُ الزَّوْجَ عَلَى دَفْعِ الزِّيَادَةِ إلَى الْمَوْلَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ حُرٌّ تَزَوَّجَ أَمَةً بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الزَّوْجُ لِلْمَوْلَى أَجِزْ النِّكَاحَ فَقَالَ الْمَوْلَى أَجَزْتُهُ عَلَى أَنْ تَزِيدَ فِي الصَّدَاقِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ صَحَّ وَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ لَمْ تَثْبُتْ الْإِجَازَةُ وَفِيهِ أَيْضًا أَمَةٌ مَنْكُوحَةٌ أُعْتِقَتْ حَتَّى يَثْبُتَ لَهَا الْخِيَارُ وَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا: زِدْتُكِ فِي صَدَاقِكِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ تَخْتَارِينِي فَفَعَلَتْ صَحَّ الِاخْتِيَارُ وَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لِلْمَوْلَى وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَالَ لَهَا: لَكِ عَلَيَّ خَمْسُونَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ تَخْتَارِينِي فَفَعَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَبَطَلَ خِيَارُهَا وَفِي نِكَاحِ الْمُنْتَقَى ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ تَجْحَدُ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ مَعَ الْمَرْأَةِ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ أَعْطَاهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ إنْ أَجَازَتْ لَهُ النِّكَاحَ الَّذِي ادَّعَى فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: أَزِيدُكِ مِائَةً عَلَى أَنْ تُقِرِّي بِالنِّكَاحِ فَفَعَلَتْ فَإِنْ وُجِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَصْلِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْمِائَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ زِيَادَةٍ فِي الْمَهْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَإِنْ حَطَّتْ عَنْ مَهْرِهَا صَحَّ الْحَطُّ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ حَطِّهَا مِنْ الرِّضَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَمْ يَصِحَّ وَمِنْ أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً مَرَضَ الْمَوْتِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>