للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ.

(رَجُلٌ) لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَأَرَادَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ أَنْ يَتَحَوَّلَ الْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ لِرَجُلٍ آخَرَ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَقُولَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَتَحَوَّلَ الْمَالُ لَهُ: بِعْ عَبْدَك هَذَا أَوْ مَتَاعَك هَذَا مِنْ فُلَانٍ الطَّالِبِ بِالْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ، فَإِذَا بَاعَ الْمَأْمُورُ عَبْدَهُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ بِالْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ مِنْ صَاحِبِ الْعَبْدِ يَتَحَوَّلُ الدَّيْنُ وَيَصِيرُ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَهَذَا لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْعَقْدِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِمِثْلِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ، ثُمَّ اجْعَلْ ثَمَنَهُ قِصَاصًا بِمَالِهِ عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ جَائِزٌ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَحَوَّلُ الْمَالُ إلَى صَاحِبِ الْعَبْدِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ هُنَاكَ حِيلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَا ذَكَرْنَا وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَأْمُرَ الْمَدْيُونُ ذَلِكَ الرَّجُلَ حَتَّى يُصَالِحَ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِلطَّالِبِ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَلَى عَبْدِهِ هَذَا، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَ الْمَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ غَيْرَ أَنَّ فِي فَصْلِ الصُّلْحِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ بِالْعَبْدِ لَا بِبَدَلِهِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ إذَا أُضِيفَ إلَى دَيْنٍ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهِ لَا بِمِثْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَلِهَذَا إذَا صَالَحَهُ عَلَى دَيْنٍ، ثُمَّ تَصَادَفَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَإِذَا حَصَلَ الصُّلْحُ بِالْعَبْدِ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِعَيْنِ الْعَبْدِ وَصَارَ الْمَدْيُونُ مُسْتَقْرِضًا مِنْ الْمَأْمُورِ عَبْدَهُ وَاسْتِقْرَاضُ الْعَبْدِ يُوجِبُ الْقِيمَةَ.

أَمَّا فِي بَابِ الْبَيْعِ الْعَقْدُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ بَلْ بِمِثْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَا دَيْنَ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلَمَّا كَانَ هَكَذَا صَارَ الْمَأْمُورُ قَابِضًا دَيْنَ الْآمِرِ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ كَأَنَّهُ بَاعَ الْعَبْدَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ جَعَلَ ثَمَنَهُ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْآمِرِ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ هَكَذَا رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِثَمَنِ الْعَبْدِ وَهُوَ مِثْلُ الدَّيْنِ كَذَا هُنَا وَلَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الطَّالِبُ ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الطَّالِبُ الْعَبْدَ أَوْ الْمَتَاعَ مِنْ مَوْلَاهُ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ مُطْلَقَةً وَلَا يَقُولُ بِالْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ فِي هَذَا تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَكِنْ يَشْتَرِي بِالْأَلْفِ مُطْلَقَةً، ثُمَّ يُحِيلُ بِهَا الْبَائِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ الدَّيْنُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ الْحَوَالَةَ هَلْ يَتِمُّ قَالَ لَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْمُطَالَبَةِ وَلَا تَتَحَوَّلُ الْمُطَالَبَةُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهُ فَإِنْ طَلَبَ حِيلَةً يَصِيرُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ حَوَالَةٍ فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْنَا أَنْ يُقِرَّ الطَّالِبُ بِالدَّيْنِ لِبَائِعِهِ وَيُوَكِّلَهُ بِقَبْضِهِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ صَاحِبُ الْعَبْدِ يُبْرِئُهُ عَنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ وَإِذَا خَافَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَالْوَجْهُ مَا قَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَيْضًا، فَإِنْ قَالَ: الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ وَهُوَ الْبَائِعُ إذَا أَبْرَأْته عَنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ لَا آمَنُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ هَذَا الدَّيْنِ وَيُحَلِّفَنِي عَلَيْهِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَ الطَّالِبِ بِذَلِكَ الدَّيْنِ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا وَيَكْتُبَ فِيهِ أَيْضًا إقْرَارَ الطَّالِبِ بِذَلِكَ وَهُوَ الْمُقِرُّ إنِّي ادَّعَيْتُ عَلَى فُلَانٍ الْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ وَكِيلِي فِي قَبْضِ هَذَا الدَّيْنِ وَحَلَّفْتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَمِينَ لِي عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، فَإِذَا أَقَرَّ بِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَا عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ سَبِيلٌ.

(رَجُلٌ) لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَسَأَلَ الْمَطْلُوبُ الطَّالِبَ أَنْ يُؤَجِّلَ لَهُ هَذَا الْمَالَ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ أَوْ يُنَجِّمَهُ عَلَيْهِ فَأَجَابَهُ الطَّالِبُ إلَى ذَلِكَ فَخَافَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يَحْتَالَ عَلَيْهِ الطَّالِبُ فَيُقِرُّ بِالْمَالِ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ يُؤَجِّلُهُ أَوْ يُنَجِّمُهُ فَلَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ وَلَا تَنْجِيمُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَطَلَبَ حِيلَةً حَتَّى يَصِحَّ تَأْجِيلُهُ وَتَنْجِيمُهُ عِنْدَ الْكُلِّ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقِرَّ الطَّالِبُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ حِينَ وَجَبَ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ، إنَّمَا وَجَبَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ كَذَا، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُنَجِّمَهُ عَلَيْهِ يُقِرُّ الطَّالِبُ أَنَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>