للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِرْهَمٍ فَيَشْتَرِيهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَيَشْتَرِيهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ يَشْتَرِيهَا بِجِنْسِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَلَكِنْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا أَمْرَهُ فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا عُرِفَ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِجِنْسِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَبِذَلِكَ الْقَدْرِ وَلَكِنْ صَرَّحَ بِالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ لَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ عَزْلُ نَفْسِهِ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا عَزْلٌ قَصْدِيٌّ فَيُشْتَرَطُ لَهُ حُضُورُ الْمُوَكِّلِ.

وَإِذَا لَمْ يَنْعَزِلْ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَشْهَدَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا سَاعَتِئِذٍ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْإِشْهَادِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ، فَإِنْ عَلِمَ بِمَقَالَةِ الْوَكِيلِ وَبِإِشْهَادِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ ثُمَّ اشْتَرَى الْوَكِيلُ يَصِيرُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ.

وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ، فَقَدْ جَعَلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يَجْعَلْهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا إذْ لَوْ جَعَلَهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا صَارَ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِالدَّرَاهِمِ وَقَدْ اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ فِي بَابِ الْمُسَاوَمَةِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ قِيَاسًا فِي حَقِّ حُكْمِ الرِّبَا حَتَّى جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَفِيمَا عَدَا حُكْمِ الرِّبَا جُعِلَا جِنْسًا وَاحِدًا اسْتِحْسَانًا حَتَّى يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَالْقَاضِي فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَوَّمَ بِالدَّرَاهِمِ.

وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَ بِالدَّنَانِيرِ وَالْمُكْرَهُ عَلَى الْبَيْعِ بِالدَّرَاهِمِ إذَا بَاعَ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ كَانَ بَيْعُهُ بَيْعَ مُكْرَهٍ كَمَا لَوْ بَاعَ بِالدَّرَاهِمِ، وَصَاحِبُ الدَّرَاهِمِ إذَا ظَفِرَ بِدَنَانِيرَ مَنْ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِجِنْسِ حَقِّهِ كَمَا لَوْ ظَفِرَ بِدَرَاهِمِهِ إلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِذَا بَاعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِالدَّنَانِيرِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، وَكَانَ الثَّانِي أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الْأَوَّلِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا اسْتِحْسَانًا وَتَبَيَّنَ بِمَا ذُكِرَ هَهُنَا أَنَّهُمَا اُعْتُبِرَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِيمَا وَرَاءَ حُكْمِ الرِّبَا أَيْضًا وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ اُعْتُبِرَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ حَتَّى إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ شَهِدَ بِالدَّرَاهِمِ وَالْآخَرُ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ شَهِدَ بِالدَّرَاهِمِ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي الدَّنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ.

وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ اُعْتُبِرَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا بِدَرَاهِمَ وَآجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ بِدَنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، وَقِيمَةُ الثَّانِي أَكْثَرُ مِنْ الْأَوَّلِ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ فَمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُمَا جُعِلَا جِنْسًا وَاحِدًا فِيمَا عَدَا حُكْمِ الرِّبَا عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ صَحِيحٍ.

(وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِمِثْلِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَبِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بِأَنْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَيَشْتَرِيَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَثَوْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ فِي هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>