للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَقَالَ: الزَّوْجُ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كَثِيرٌ فَقَدْ قِيلَ: تَصِيرُ الْمُدَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَقِيلَ: لَا تَصِيرُ الْمُدَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْحَالِفِ إذَا عَطَفَ عَلَى يَمِينِهِ بَعْدَ سُكُوتِهِ مَا يُشَدِّدُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ يَلْتَحِقُ بِيَمِينِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا عَطَفَ عَلَى يَمِينِهِ بَعْدَ سُكُوتِهِ مَا يُوَسِّعُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَلْتَحِقُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ فِي ذِكْرِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ تَشْدِيدًا عَلَيْهِ أَوْ تَوْسِعَةً عَلَيْهِ فَقِيلَ: تَشْدِيدٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالشُّرْبِ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْفُرَاتِ أَبَدًا فَشَرِبَ مِنْهُ اغْتِرَافًا أَوْ مِنْ إنَاءٍ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَكْرَعَ مِنْ الْفُرَاتِ كَرْعًا وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ وَعِنْدَهُمَا إذَا شَرِبَ كَرْعًا هَلْ يَحْنَثُ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَحْنَثُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى الْكَرْعَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ نَوَى الِاغْتِرَافَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى لَكِنْ لَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي هَذَا إذَا شَرِبَ مِنْ الْفُرَاتِ كَرْعًا أَوْ اغْتِرَافًا فَأَمَّا إذَا شَرِبَ مِنْ نَهْرِ آخَرَ يَأْخُذُ الْمَاءَ مِنْ الْفُرَاتِ كَرْعًا أَوْ اغْتِرَافًا فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ الْفُرَاتِ فَشَرِبَ مِنْ نَهْرٍ يَأْخُذُ مِنْ الْفُرَاتِ كَرْعًا أَوْ اغْتِرَافًا يَحْنَثُ عِنْدَهُمْ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً مِنْ دِجْلَةَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَشَرِبَ مِنْهَا بِإِنَاءٍ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَضَعَ فَاهُ فِي الدِّجْلَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ الْمَطَرِ فَسَالَ مَاءُ الْمَطَرِ فِي الدِّجْلَةِ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِهِ فَإِنْ شَرِبَ مِنْ مَاءِ وَادٍ سَالَ مِنْ الْمَطَرِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ مِثْلَ ذَلِكَ أَوْ شَرِبَ مِنْ مَاءِ مَطَرٍ مُسْتَنْقَعٍ فِي قَاعٍ حَنِثَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ نَهْرٍ يَجْرِي ذَلِكَ النَّهْرُ إلَى دِجْلَةَ فَأَخَذَ مِنْ دِجْلَةَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فُرَاتًا أَوْ مِنْ مَاءٍ فُرَاتٍ فَشَرِبَ مَاءً عَذْبًا مِنْ دِجْلَةَ أَوْ مِنْ نَحْوِهَا كَانَ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ قَالَ: أَيُّكُمْ شَرِبَ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ فَهُوَ حُرٌّ فَشَرِبُوهُ عَتَقُوا وَلَوْ قَالَ: أَيُّكُمْ يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ وَكَانَ الْمَاءُ بِحَالٍ يُمْكِنُ شُرْبُهُ لِوَاحِدٍ دُفْعَةً أَوْ دَفْعَتَيْنِ فَشَرِبُوا جَمِيعًا لَمْ يَعْتِقُوا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْكُوزِ فَصَبَّ الْمَاءَ الَّذِي فِيهِ فِي كُوزٍ آخَرَ فَشَرِبَ مِنْهُ لَا يَحْنَثُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ قَالَ: مِنْ مَاءِ هَذَا الْكُوزِ فَصَبَّ فِي كُوزٍ آخَرَ فَشَرِبَ فَحَنِثَ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: مِنْ هَذَا الْحُبِّ أَوْ مِنْ مَاءِ هَذَا الْحُبِّ فَنَقَلَ إلَى حُبٍّ آخَرَ وَلَوْ قَالَ: لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ هَذَا الْحُبِّ فَشَرِبَ مِنْهُ بِإِنَاءٍ حَنِثَ إجْمَاعًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْإِنَاءِ فَهُوَ عَلَى الشُّرْبِ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

مَنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَيْسَ فِي الْكُوزِ مَاءٌ لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ فَأُهْرِيقَ قَبْلَ اللَّيْلِ لَمْ يَحْنَثْ وَهَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ عَلِمَ وَقْتَ الْحَلِفِ أَنَّ فِيهِ مَاءً أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَنِثَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا أَمْضَى الْيَوْمَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَلَا فَرْقَ فِي الْوَقْتِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ الْجُمُعَةَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَلَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>