للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمْثَالُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا صَوْتَهُمْ بِالْأَمَانِ، فَلَا أَمَانَ لَهُمْ، وَيَحِلُّ قَتْلُهُمْ وَسَبْيُهُمْ، وَلَوْ نَادَوْهُمْ مِنْ مَوْضِعٍ يَسْمَعُونَ إلَّا أَنَّ الْعِلْمَ قَدْ أَحَاطَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا بِأَنْ كَانُوا نِيَامًا أَوْ مَشْغُولِينَ بِالْحَرْبِ فَذَلِكَ أَمَانٌ، وَأَرَادَ بِالْعِلْمِ غَالِبَ الرَّأْيِ لَا حَقِيقَةَ الْعِلْمِ وَسَمَاعُ الْكُلِّ لِلْأَمَانِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ الْأَمَانِ فِي حَقِّ الْكُلِّ بَلْ سَمَاعُ الْأَكْثَرِ يَكْفِي، وَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ سَمَاعِ الْكُلِّ، وَإِذَا قَالُوا لِحَرْبِيٍّ: لَا تَخَفْ أَوْ قَالُوا لَهُ: أَنْتَ آمِنٌ أَوْ قَالُوا لَهُ لَا بَأْسَ عَلَيْك، فَهَذَا كُلُّهُ أَمَانٌ، وَلَوْ قَالُوا لَهُ لَك أَمَانُ اللَّهِ كَانَ أَمَانًا، كَذَلِكَ إذَا قَالُوا: لَك عَهْدُ اللَّهِ أَوْ لَك ذِمَّةُ اللَّهِ أَوْ قَالُوا: تَعَالَى تَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ أَوْ قَالُوا أَجَرْنَاكَ وَلَوْ أَنَّ الْأَمِيرَ قَالَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مُعَيَّنِينَ، وَهُمْ فِي الْحِصْنِ مَحْصُورُونَ اُخْرُجُوا إلَيْنَا نُرَاوِدُكُمْ عَلَى الصُّلْحِ وَأَنْتُمْ آمِنُونَ أَوْ لَمْ يَقُلْ وَأَنْتُمْ آمِنُونَ، فَخَرَجُوا، فَهُمْ آمِنُونَ، وَلَوْ قَالَ لَهُمْ: اُخْرُجُوا إلَيْنَا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَخَرَجُوا فَلَا أَمَانَ وَلَوْ قَالَ: لَهُمْ انْزِلُوا إلَيْنَا كَانَ أَمَانًا، وَلَوْ قَالَ: اُخْرُجُوا إلَيْنَا، فَبِيعُونَا وَاشْتَرُوا مِنَّا كَانَ أَمَانًا وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَشَارَ إلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَهُمْ فِي حِصْنٍ أَوْ مَنَعَةٍ أَنْ تَعَالَ أَوْ أَشَارَ إلَى أَهْلِ الْحِصْنِ أَنْ افْتَحُوا الْحِصْنَ، فَفَتَحُوا أَوْ أَشَارَ إلَى السَّمَاءِ، فَظَنَّ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ ذَلِكَ أَمَانٌ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الرَّجُلُ، وَقَدْ كَانَ هَذَا الَّذِي صَنَعَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ أَنَّهُمْ إذَا صَنَعُوا كَانَ أَمَانًا أَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْرُوفًا، فَهُوَ أَمَانٌ جَائِزٌ.

وَإِذَا أَشَارَ إلَى الْعَدُوِّ بِأُصْبُعِهِ بِإِشَارَةٍ يُفْهَمُ مِنْهُ الدُّعَاءُ إلَى نَفْسِهِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَجِيءِ إلَيْهِ، وَيَقُولُ بِلِسَانِهِ مَعَ ذَلِكَ إنْ جِئْتَ قَتَلْتُكَ، فَجَاءَهُ فَهُوَ آمِنٌ هَذَا إذَا فَهِمَ الْكَافِرُ الْإِشَارَةَ، وَعَرَفَهَا أَمَانًا، وَلَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ الْمُشِيرِ إنْ جِئْتَ قَتَلْتُكَ أَوْ سَمِعَ، وَلَكِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ، فَأَمَّا إذَا سَمِعَ، وَفَهْمَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَمَانًا، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ: تَعَالَ حَتَّى أَقْتُلَكَ فَسَمِعَ الْكَافِرُ أَوَّلَ الْكَلَامِ وَفَهِمَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ آخِرَ الْكَلَامِ أَوْ سَمِعَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْهُ كَانَ أَمَانًا، وَلَوْ سَمِعَ آخِرَ الْكَلَامِ، وَفَهِمَهُ لَا يَكُونُ أَمَانًا، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْمُسْلِمُونَ لَهُ: تَعَالَ إنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْقِتَالَ تَعَالَ إنْ كُنْتَ رَجُلًا، فَسَمِعَ أَوَّلَ الْكَلَامِ، وَفَهِمَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ آخِرَ الْكَلَامِ، أَوْ سَمِعَ آخِرَ الْكَلَامِ وَلَمْ يَفْهَمْهُ، فَجَاءَهُ كَانَ أَمَانًا وَلَوْ سَمِعَ أَوَّلَ الْكَلَامِ وَآخِرَهُ، وَفَهِمَهُ، فَجَاءَهُ لَا يَكُونُ أَمَانًا وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهُ: تَعَالَ حَتَّى تَرَى مَا أَصْنَعُ بِك هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْكُفَّارِ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: أَمِّنُونَا عَلَى ذَرَارِيِّنَا فَأَمَّنُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَهُمْ آمِنُونَ وَأَوْلَادُهُمْ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ، وَإِنْ سَفَلُوا مِنْ أَوْلَادِ الرِّجَالِ، وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى أَوْلَادِي فَأَمَّنُوهُ عَلَى ذَلِكَ، فَهُوَ آمِنٌ وَأَوْلَادُهُ الصُّلْبِيَّةُ وَأَوْلَادُهُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ، أَمَّا أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، فَلَا يَدْخُلُونَ، وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى أَوْلَادِي ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ بَنُو الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ رِوَايَةً وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى آبَائِي، وَلَهُ أَبٌ وَأُمٌّ دَخَلَا فِي الْأَمَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَأُمٌّ، وَإِنَّمَا لَهُ جَدٌّ وَجَدَّةٌ فَلَا أَمَانَ لَهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَ لِسَانُهُمْ الَّذِي يَتَكَلَّمُونَ بِهِ أَنَّ الْجَدَّ وَالِدٌ كَمَا أَنَّ ابْنَ الِابْنِ ابْنٌ، فَالْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ الِابْنِ يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ قَالُوا: أَمِّنُونَا عَلَى أَبْنَائِنَا، وَلَهُمْ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَهُمْ آمِنُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَكَرٌ وَإِنَّمَا لَهُمْ بَنَاتٌ خَاصَّةً، فَهُوَ فَيْءٌ جَمِيعًا، وَإِنْ قَالُوا: أَمِّنُونَا عَلَى بَنَاتِنَا وَأَخَوَاتِنَا، فَهَذَا عَلَى الْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى إخْوَتِي، وَلَهُ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ دَخَلَ الْكُلُّ فِي الْأَمَانِ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَخَوَاتٌ لِاذَّكَرَ مَعَهُنَّ يَدْخُلْنَ فِي الْأَمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ قَالُوا: أَمِّنُونَا عَلَى أَبْنَائِنَا، وَلَهُمْ أَبْنَاءٌ وَأَبْنَاءُ أَبْنَاءٍ فَالْأَمَانُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَبْنَاءٌ وَلَكِنْ لَهُمْ أَبْنَاءُ أَبْنَاءٍ فَهُمْ آمِنُونَ أَيْضًا، وَإِنْ قَالُوا: أَمِّنُونَا عَلَى آبَائِنَا وَلَيْسَ لَهُمْ آبَاءٌ وَلَهُمْ أَجْدَادٌ، فَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>