وَرَأْسُهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا بِقِتَالٍ وَخَوْفٍ، فَلَهُ النَّفَلُ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ مَنْ غَيْرِ قِتَالٍ أَوْ خَوْفٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْقَوْمُ بِأَعْيَانِهِمْ: مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ بِهِ فَلَهُ كَذَا، فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِلْمُسْلِمِينَ: إذَا اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَهَذَا عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ دُونَ السَّبْيِ فَمَنْ جَاءَ بِرَأْسِ رَجُلٍ، فَلَهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمَا لَا فَلَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَنَ الْحَرْبُ وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَتَفَرَّقُوا، فَقَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ، فَلَهُ كَذَا فَهَذَا عَلَى السَّبْيِ دُونَ رُءُوسِ الرِّجَالِ وَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ بِرَأْسِ رَجُلٍ وَقَالَ: أَنَا قَتَلْتُهُ، وَأَخَذْتُ رَأْسَهُ وَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ: أَنَا قَتَلْتُهُ، وَهَذَا أَخَذَ رَأْسَهُ فَاَلَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ أَحَقُّ بِالْخَمْسِمِائَةِ، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي قَتْلِهِ مَعَ الْيَمِينِ وَعَلَى الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهُ قَضَيْنَا بِالْخَمْسِمِائَةِ لَهُ وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ بِرَأْسٍ فَقَالَ: وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ هَذَا رَأْسُ رَجُلٍ مِنْ الْعَدُوِّ، وَقَدْ مَاتَ، وَهَذَا حَزَّ رَأْسَهُ، وَقَالَ الَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ: قَتَلْتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ هَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الرَّأْسُ رَأْسَ مُشْرِكٍ، وَإِنْ وَقَعَ الشَّكُّ فِيهِ فَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ رَأْسُ مُسْلِمٍ أَوْ رَأْسُ مُشْرِكٍ نُظِرَ إلَى السِّيمَاءِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْمُشْرِكِينَ كَانَ لَهُ النَّفَلُ بِأَنْ كَانَ شَعْرُهُ قُصَّةً وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ كَانَ مَخْضُوبَ اللِّحْيَةِ، فَلَا نَفَلَ لَهُ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يُدْرَ أَنَّهُ رَأْسُ مُسْلِمٍ أَوْ رَأْسُ مُشْرِكٍ فَلَا نَفَلَ لَهُ.
وَلَوْ جَاءَ بِرَأْسٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، وَطَلَبَ الْخَارِجُ يَمِينَ صَاحِبِ الْيَدِ فَحُلِّفَ صَاحِبُ الْيَدِ، فَنَكَلَ فَلَا نَفْلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ النَّفَلَ لِلْخَارِجِ.
وَلَوْ جَاءَ رَجُلَانِ بِرَأْسٍ يَزْعُمَانِ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ، وَالرَّأْسُ فِي أَيْدِيهِمَا قُسِّمَ النَّفَلُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ هَذَا الْحِصْنِ أَوْ هَذِهِ الْمَطْمُورَةِ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَاقْتَحَمَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَدَخَلُوا، فَإِذَا بِهَا بَابٌ آخَرُ مُغْلَقٌ غَيْرَ ذَلِكَ الْبَابِ، فَلَهُمْ النَّفَلُ، وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَنْ دَخَلَ فَلَهُ الرُّبْعُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَدَخَلَ عَشْرَةٌ، فَلَهُمْ الرُّبْعُ الْوَاحِدُ، وَلَوْ دَخَلَهُ وَاحِدٌ، ثُمَّ وَاحِدٌ، فَإِنَّهُمْ يَشْتَرِكُونَ جَمِيعًا فِي النَّفْلِ حَتَّى يَلْتَجِئَ الْعَدُوُّ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ دَخَلَ الْبَابَ، فَلَهُ بِطْرِيقُ الْمَطْمُورَةِ، فَدَخَلَ جَمَاعَةٌ، فَلَهُمْ الْبِطْرِيقُ لَا غَيْرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: فَلَهُ بِطْرِيقٌ فَدَخَلَ قَوْمٌ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِطْرِيقٌ آخَرُ غَيْرَ الَّذِي لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ وُجِدَ فِي الْحِصْنِ ثَلَاثَةُ بَطَارِيقَ، فَلَهُمْ أُولَئِكَ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ سِوَاهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ جَارِيَةٌ يَعْنِي فَلَهُ قِيمَةُ جَارِيَةٍ، فَإِنَّهُ يُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةَ جَارِيَةٍ وَسَطٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ جَارِيَةٌ مِنْ جَوَارِيهِمْ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا جَارِيَتَانِ كَانَ لَهُمْ مَا وُجِدَ فِيهِ لَا غَيْرَ.
وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَدَخَلَ طَائِفَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَابِ، وَطَائِفَةٌ يَنْزِلُونَ مِنْ فَوْقِ السَّطْحِ أَدْلَاهُمْ غَيْرُهُمْ بِإِذْنِهِمْ فَفَتَحُوا الْمَطْمُورَةَ، فَلَهُمْ نَفْلُهُمْ، وَهَذَا إذَا انْتَهُوا إلَى مَكَان يُمْكِنُهُمْ الْمُقَاتَلَةُ مَعَ أَهْلِ الْحِصْنِ، فَإِنْ كَانُوا فِي مَوْضِعٍ لَا تُمْكِنُهُمْ الْمُقَاتَلَةُ بِأَنْ كَانُوا مُتَدَلِّينَ مِنْ رَأْسِ الْحَائِطِ ذِرَاعًا أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَلَا نَفْلَ لَهُمْ وَلَوْ دَلُّوهُمْ حَتَّى تَوَسَّطُوا بِهِمْ الْحِصْنَ، وَانْقَطَعَتْ الْحِبَالُ، فَوَقَعُوا فِي الْحِصْنِ، فَلَهُمْ النَّفَلُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ أَوَّلًا فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ، وَمَنْ دَخَلَ ثَانِيًا، فَلَهُ رَأْسَانِ وَمَنْ دَخَلَ ثَالِثًا، فَلَهُ رَأْسٌ فَدَخَلَ وَاحِدٌ، ثُمَّ وَاحِدٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا سَمَّاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ وَلِلثَّانِي رَأْسَانِ وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ، وَلَوْ دَخَلَ ثَلَاثَةٌ مَعًا بَطَلَ النَّفَلُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَلَهُمْ نَفْلُ الثَّالِثِ، وَإِنْ دَخَلَ اثْنَانِ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَطَلَ نَفْلُ الْأَوَّلِ، وَنَفْلُ الثَّانِي يَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: لِرَجُلٍ إنْ دَخَلْتَ أَوَّلًا لَسْتُ أُطْعِمُكَ وَإِنْ دَخَلْتَ ثَانِيًا، فَلَكَ رَأْسَانِ فَدَخَلَ أَوَّلًا فَلَا شَيْءَ لَهُ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ النَّفَلُ الْمَشْرُوطُ، وَلَوْ لَمْ تَتَقَدَّمْ مِنْهُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِثَلَاثَةٍ: بِأَعْيَانِهِمْ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute