للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ كُرُّ تَمْرٍ فَارِسِيٍّ جَيِّدٍ أَخَذَهُ الْكُفَّارُ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ، ثُمَّ دَخَلَ مُسْلِمٌ وَاشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِكُرَّيْ تَمْرٍ دَقَلٍ فَارِسِيٍّ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِكُرَّيْ تَمْرٍ دَقَلٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ يَمْلِكُ الْكُرَّ الْمَأْسُورَ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ بِمَا قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ، وَوَجْهُ مَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ يَمْلِكُ الْكُرَّ الْمَأْسُورَ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى حَرَّمَ الرِّبَا مُطْلَقًا وَالْمُشْتَرَى بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ، وَالْقِيمَةُ هَهُنَا الْمِثْلُ فَلَا يُفِيدُ أَخْذُهُ، وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالُوا: مَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ قَوْلُهُمَا، وَمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِنْدَهُ الرِّبَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِكُرِّ دَقَلٍ مِثْلَ كَيْلِهِ يَدًا بِيَدِ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى هَذَا الْكُرَّ مِنْهُمْ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ ذِمِّيًّا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ.

وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ وَاشْتَرَى هَذَا الْكُرَّ بِكُرٍّ مِثْلِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِكُرٍّ مِثْلِهِ نَسِيئَةً، ثُمَّ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ نَقَدَ بَيْتِ الْمَالِ لِرَجُلٍ وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ فَدَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ وَاشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ غَلَّةً، وَتَفَرَّقُوا عَنْ قَبْضٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا بِمِثْلِ الْغَلَّةِ الَّتِي نَقَدَهَا، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِالدَّنَانِيرِ، وَأَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِدَنَانِيرَ مِثْلَهَا، كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الْمُسْلِمَ بَاعَ مِنْهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ، فَنَقَدُوهُ الْأَلْفَ الْمُحْرَزَةَ، وَأَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا.

وَلَوْ أَحْرَزَ الْعَدُوُّ كُرَّ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ وَأَسْلَمَ إلَيْهِمْ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ سَلَمًا صَحِيحًا، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ قَضَوْهُ الْكُرَّ الَّذِي أَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ فَقَبَضَ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِمِائَةٍ.

وَإِذَا بَاعَ الْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ عَرَضًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَقَدَ بَيْتِ الْمَالِ فَنَقَدُوهُ الْأَلْفَ الْمُحْرَزَةَ مَكَانَ تِلْكَ الْأَلْفِ فَقَبَضَهَا، وَأَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَلَوْ أَحْرَزَ كُرًّا لِمُسْلِمٍ، ثُمَّ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ وَبَاعَ مِنْهُمْ عَرْضًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ فِي الذِّمَّةِ فَقَضَوْهُ الْكُرَّ الْمُحْرَزَ فَقَبَضَهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَوْ أَحْرَزَ كُرًّا لِمُسْلِمٍ فَدَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ وَأَقْرَضَهُمْ كُرًّا، فَقَضَوْهُ ذَلِكَ الْكُرَّ الَّذِي أَحْرَزَهُ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ مِثْلَ الْمُحْرَزِ أَوْ دُونَهُ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَخَذَ الْعَدُوُّ مِنْ مُسْلِمٍ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ، فَدَخَلَ مُسْلِمٌ، وَبَاعَ مِنْ الْعَدُوِّ مَتَاعًا بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَوْصُوفَةٍ إلَى أَجَلٍ فَقَضَاهُ الْأَثْوَابَ الْمُحْرَزَةَ لِلْمَالِكِ أَخَذَهَا بِقِيمَةِ الْمَتَاعِ.

وَلَوْ اشْتَرَى الْكُرَّ الْمُحْرَزَ مُسْلِمَانِ مِنْ الْعَدُوِّ، وَاقْتَسَمَاهُ وَاسْتَهْلَكَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَخْذَ الْمَالِكُ النِّصْفَ الْبَاقِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ ثِيَابًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا أَخَذَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بِرُبْعِ الثَّمَنِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْهَالِكِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ إبْرِيقَ فِضَّةٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَوَزْنُهُ خَمْسِمِائَةٍ فَاشْتَرَى مُسْلِمٌ مِنْ الْعَدُوِّ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ أَوْ بِأَقَلَّ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِقِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ وَزْنِهِ دَرَاهِمَ يَدًا بِيَدٍ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقَدْرِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ وَزْنِهِ دَرَاهِمَ، وَلَكِنْ إلَى أَجَلٍ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>