مَعَ التَّمَكُّنِ لَا يَجِبُ كَالْعُشْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.
أَمَّا خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ يَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ قَفِيزٌ وَدِرْهَمٌ، وَعَلَى جَرِيبِ الرُّطَبَةِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَعَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَصْنَافِ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْقُطْنِ وَالْبُسْتَانِ وَغَيْرِهَا يُوضَعُ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الطَّاقَةِ وَنِهَايَةُ الطَّاقَةِ أَنْ يَبْلُغَ الْوَاجِبُ نِصْفَ الْخَارِجِ وَالْبُسْتَانُ كُلُّ أَرْضٍ يَحُوطُهَا حَائِطٌ وَفِيهَا نَخِيلٌ مُتَفَرِّقَةٌ وَأَعْنَابٌ وَأَشْجَارٌ وَيُمْكِنُ زِرَاعَةُ مَا بَيْنَ الْأَشْجَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُلْتَفَّةً لَا يُمْكِنُ زِرَاعَةُ أَرْضِهَا، فَهِيَ كَرْمٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْجَرِيبُ اسْمٌ لِسِتِّينَ ذِرَاعًا فِي سِتِّينَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْمِلْكِ وَذِرَاعُ الْمِلْكِ سَبْعُ قَبْضَاتٍ يَزِيدُ عَلَى ذِرَاعِ الْعَامَّةِ بِقَبْضَةٍ هَذِهِ الْجُمْلَةُ لَفْظُ كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَرِيبُ اسْمٌ لِسِتِّينَ ذِرَاعًا فِي سِتِّينَ ذِرَاعًا حِكَايَةً عَنْ جَرِيبِهِمْ وَلَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ فِي الْأَرَاضِي كُلِّهَا بَلْ جَرِيبُ الْأَرَاضِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مُتَعَارَفُ أَهْلِهَا.
وَأَرَادَ بِالْقَفِيزِ الصَّاعَ فَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أُمَنَاء وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ وَهَذَا الْقَفِيزُ يَكُونُ مِنْ الْحِنْطَةِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ وَقَالَ وَيَكُونُ هَذَا الْقَفِيزُ مِمَّا يُزْرَعُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكَالَ هَذَا الْقَفِيزُ بِزِيَادَةِ حَفْنَتَيْنِ، وَتَكَلَّمُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ بِزِيَادَةِ حَفْنَتَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسِيرُهُ أَنْ يَضَعَ الْكَيَّالُ كَفَّيْهِ عَلَى جَانِبَيْ الْقَفِيزِ عِنْدَ الْكَيْلِ مِنْ الصُّبْرَةِ، وَيُمْسِكَ مَا يَقَعُ فِي كَفَّيْهِ مِنْ الطَّعَامِ، وَيَصُبَّ الْقَفِيزَ مَعَ مَا فِي حَفْنَتَيْهِ فِي جَوَالِقِ الْعَاشِرِ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: مَعْنَاهُ أَنْ يَمْلَأَ الْكَيَّالُ الْقَفِيزَ ثُمَّ يَمْسَحَ أَعْلَى الْقَفِيزِ حَتَّى يَنْصِبَ مَا فِي أَعْلَاهُ مِنْ الْحَبَّاتِ ثُمَّ يَصُبَّ الْقَفِيزَ فِي جَوَالِقِ الْعَاشِرِ، ثُمَّ يَمْلَأَ حَفْنَتَيْهِ مِنْ الصُّبْرَةِ وَيَرْمِيَهَا فِي جَوَالِقِ الْعَاشِرِ زِيَادَةً عَلَى الْقَفِيزِ ثُمَّ هَذَا الْمِقْدَارُ لَا يَجِبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً زَرَعَ الْمَالِكُ مَرَّةً وَاحِدَةً، أَوْ مِرَارًا بِخِلَافِ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ وَالْعُشْرِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْوَاجِبَ جُزْءُ الْخَارِجِ، فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا فِي مِقْدَارِ الْخَارِجِ، فَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَرَاضِي تُطِيقُ ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرَاضِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ بِأَنْ قَلَّ رِيعُهَا، فَإِنَّهُ يُنْقَصُ عَنْهُ إلَى مَا تُطِيقُ، فَالنُّقْصَانُ عَنْ وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا كَانَتْ الْأَرَاضِي لَا تُطِيقُ تِلْكَ الْوَظِيفَةَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ.
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ إذَا كَانَتْ الْأَرَاضِي تُطِيقُ الزِّيَادَةَ بِأَنْ كَثُرَ رِيعُهَا هَلْ تَجُوزُ؟ فَفِي الْأَرَاضِي الَّتِي صَدَرَ التَّوْظِيفُ فِيهَا مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي صَدَرَ التَّوْظِيفُ فِيهَا مِنْ إمَامٍ بِمِثْلِ وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أَطَاقَتْ الزِّيَادَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ وَظَّفَ عَلَى أَرَاضٍ مِثْلَ وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرَاضِي تُطِيقُ الزِّيَادَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى وَظِيفَةٍ أُخْرَى بِأَنْ كَانَتْ وَظِيفَةُ الْأُولَى دَرَاهِمَ، فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى الْمُقَاسَمَةِ، أَوْ كَانَتْ مُقَاسَمَةً، فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى الدَّرَاهِمِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِمْ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ، أَوْ حَوَّلَهَا إلَى وَظِيفَةٍ أُخْرَى، وَحَكَمَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ مِنْ رَأْيِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ وُلِّيَ بَعْدَهُ وَالٍ يَرَى خِلَافَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ صَنَعَ مَا صَنَعَ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ أَمْضَى الثَّانِي مَا فَعَلَهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ صَنَعَ بِغَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرَاضِي فُتِحَتْ عَنْوَةً، ثُمَّ مَنَّ الْإِمَامُ بِهَا عَلَيْهِمْ أَمْضَى الثَّانِي مَا صَنَعَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ فَتَحَ الْأَرَاضِيَ بِالصُّلْحِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ.
وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَالثَّانِي يُنْقِضُ فِعْلَ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْأَرَاضِي الَّتِي يُرِيدُ الْإِمَامُ تَوْظِيفَ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً إذَا زَادَ عَلَى وَظِيفَةِ عُمَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute