كَانُوا يَأْخُذُونَ الْخَرَاجَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْجِيلِ، فَذَلِكَ مَحْضُ ظُلْمٍ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي.
رَجُلٌ لَهُ قَرْيَةٌ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ لَهُ فِيهَا بُيُوتٌ وَمَنَازِلُ يَسْتَغِلُّهَا، أَوْ لَا يَسْتَغِلُّهَا لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا كَانَ لَهُ دَارُ خُطَّةٍ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ جَعَلَهَا بُسْتَانًا، أَوْ غَرَسَ فِيهَا نَخْلًا، وَأَخْرَجَهَا عَنْ مَنْزِلِهِ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْضِ تَبَعٌ لِلدَّارِ، وَإِنْ جَعَلَ كُلَّ الدَّارِ بُسْتَانًا، فَإِنْ كَانَتْ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ، فَفِيهَا الْعُشْرُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ فَفِيهَا الْخَرَاجُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً، وَبَنَى فِيهَا دَارًا، فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الزِّرَاعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
السُّلْطَانُ إذَا جَعَلَ الْخَرَاجَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، فَتَرَكَهُ عَلَيْهِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ وَعَلَى هَذَا التَّسْوِيغُ لِلْقُضَاةِ وَالْفُقَهَاءِ.
السُّلْطَانُ إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْخَرَاجَ مِمَّنْ عَلَيْهِ كَانَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ تَصَدَّقَ بَعْدَ الطَّلَبِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْعَامِلُ إذَا تَرَكَ الْخَرَاجَ عَلَى الْمُزَارِعِ بِدُونِ عِلْمِ السُّلْطَانِ يَحِلُّ لَوْ مُصَرَّفًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السُّلْطَانُ إذَا جَعَلَ الْعُشْرَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ، هَذَا بِلَا خِلَافٍ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا تَرَكَ الْعُشْرَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ، فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَتْرُكَ إغْفَالًا مِنْهُ بِأَنْ نَسِيَ، فَفِي هَذَا الْوَجْهِ كَانَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ أَنْ يَصْرِفَ قَدْرَ الْعُشْرِ إلَى الْفَقِيرِ وَالثَّانِي إذَا تَرَكَهُ قَصْدًا مَعَ عِلْمِهِ بِهِ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ غَنِيًّا كَانَ لَهُ ذَلِكَ جَائِزَةً مِنْ السُّلْطَانِ، وَيَضْمَنُ السُّلْطَانُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ لِبَيْتِ مَالِ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ فَقِيرًا مُحْتَاجًا إلَى الْعُشْرِ، فَتَرَكَ ذَلِكَ عَلَيْهِ جَائِزٌ وَكَانَ صَدَقَةً عَلَيْهِ، فَيَجُوزُ كَمَا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ، ثُمَّ صَرَفَهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ لَهُ أَرْضُ خَرَاجٍ عَطَّلَهَا، فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، هَذَا إذَا كَانَ الْخَرَاجُ مُوَظَّفًا أَمَّا إذَا كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ، فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالُوا: مَنْ انْتَقَلَ إلَى أَخَسِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَعْلَى كَمَنْ لَهُ أَرْضُ الزَّعْفَرَانِ، فَتَرَكَهَا، وَزَرَعَ الْحُبُوبَ، فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الزَّعْفَرَانِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ كَرْمٌ، فَقَطَعَ، وَزَرَعَ الْحُبُوبَ، فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْكَرْمِ، وَهَذَا شَيْءٌ يُعْلَمُ، وَلَا يُفْتَى بِهِ كَيْ لَا يَطْمَعَ الظَّلَمَةُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ كَذَا فِي الْكَافِي.
مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ أُخِذَ مِنْهُ الْخَرَاجُ عَلَى حَالِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُسْلِمُ أَرْضَ الْخَرَاجِ مِنْ الذِّمِّيِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْخَرَاجُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا يُجْمَعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ عُشْرِيَّةٍ، أَوْ خَرَاجِيَّةً.
وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضَ عُشْرٍ، أَوْ أَرْضَ خَرَاجٍ لِلتِّجَارَةِ، فَفِيهَا الْعُشْرُ، أَوْ الْخَرَاجُ دُونَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
الذِّمِّيُّ إذَا اشْتَرَى أَرْضًا عُشْرِيَّةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُؤْخَذُ مِنْهُ الْخَرَاجُ كَذَا فِي الزَّادِ.
وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ عَجَزُوا عَنْ عِمَارَةِ الْأَرَاضِي وَاسْتِغْلَالِهَا، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَا يُؤَدُّونَ بِهِ الْخَرَاجَ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرَاضِيَ مِنْهُمْ، وَيَدْفَعَهَا إلَى غَيْرِهِمْ عَلَى سَبِيلِ التَّمْلِيكِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ: لَوْ أَنَّ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْخَرَاجِيَّةِ عَجَزَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَعَطَّلَهَا وَتَرَكَهَا كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى مَنْ يَقُومُ عَلَيْهَا وَيُؤَدِّي خَرَاجَهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُؤَاجِرَ الْإِمَامُ الْأَرَاضِيَ أَوَّلًا، وَيَأْخُذَ الْأَجْرَ وَيَرْفَعَ مِنْهُ قَدْرَ الْخَرَاجِ، وَيُمْسِكَ الْبَاقِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ فَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا يَدْفَعْهَا مُزَارَعَةً بِالثُّلُثِ، أَوْ الرُّبُعِ عَلَى قَدْرِ مَا يُؤْخَذُ مِثْلُ تِلْكَ الْأَرْضِ مُزَارَعَةً