وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ، أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَ فِي حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ وَرَدَّهُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ يَجِبُ الْجُعْلُ لَهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ وَرَدَّهُ لَا جُعْلَ لَهُ، وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمِصْرِ فِي حَيَاتِهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ سَلَّمَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَجِبُ الْجُعْلُ لَهُ فِي حِصَّةِ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّادُّ وَلَدًا لَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنَّ عَبْدِي قَدْ أَبَقَ، فَإِنْ وَجَدْتَهُ فَخُذْهُ، فَقَالَ الْمَأْمُورُ: نَعَمْ، فَأَخَذَهُ الْمَأْمُورُ عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمَوْلَى فَلَا جُعْلَ لَهُ.
أَخَذَ آبِقًا مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ وَجَاءَ بِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَوْلَاهُ فَلَمَّا أَدْخَلَهُ الْمِصْرَ أَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَوْلَاهُ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ فِي الْمِصْرِ وَرَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ وَيَرْضَخُ لِلثَّانِي عَلَى قَدْرِ عَنَائِهِ، وَإِنْ أَخَذَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ أَوْ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ الْجُعْلِ تَامًّا وَيَرْضَخُ لِلثَّانِي عَلَى قَدْرِ عَنَائِهِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى جَاءَ بِالْآبِقِ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى الْمَوْلَى فَأَخَذَهُ مِنْهُ غَاصِبٌ وَجَاءَ بِهِ الْغَاصِبُ إلَى الْمَوْلَى ثُمَّ جَاءَ الْآخِذُ الْأَوَّلُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَخَذَ الْجُعْلَ ثَانِيًا مِنْ الْمَوْلَى وَرَجَعَ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ.
وَفِيهِ أَيْضًا أَخَذَ آبِقًا مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَاءَ يَوْمًا ثُمَّ أَبَقَ الْعَبْدُ مِنْهُ وَسَارَ يَوْمًا نَحْوَ الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ الْمَوْلَى وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى الْمَوْلَى، ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ أَخَذَهُ ثَانِيًا وَجَاءَ بِهِ الْيَوْمَ الثَّالِثَ وَرَفَعَهُ إلَى الْمَوْلَى فَلَهُ جُعْلُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَهُوَ ثُلُثَا الْجُعْلِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ حِينَ أَبَقَ مِنْ الَّذِي أَخَذَهُ فَوَجَدَهُ مَوْلَاهُ وَأَخَذَهُ، أَوْ أَبَقَ مِنْ الَّذِي أَخَذَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَرَجَعَ إلَى مَوْلَاهُ فَلَا جُعْلَ لِلَّذِي أَخَذَهُ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فَارَقَ الَّذِي أَخَذَ وَجَاءَ مُتَوَجِّهًا إلَى مَوْلَاهُ لَا يُرِيدُ الْإِبَاقَ فَلِلْأَوَّلِ جُعْلُ يَوْمٍ وَفِيهِ أَيْضًا أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا وَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الْجُعْلَ يَكُونُ لَهُ.
فِي الْأَصْلِ عَبْدٌ أَبَقَ إلَى بَعْضِ الْبُلْدَانِ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ رَجُلٌ آخَرُ وَجَاءَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ لَا جُعْلَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ حِينَ اشْتَرَاهُ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَهُ الْجُعْلُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بِمَا أَدَّى مِنْ الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ وُهِبَ لَهُ أَوْ هُوَ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ وَرِثَهُ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الشِّرَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ
أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا وَجَاءَ بِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهِ الْمَوْلَى أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَبَقَ مِنْ يَدِ الْآخِذِ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ، وَلَوْ كَانَ دَبَّرَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الْآخِذُ حِينَ سَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ إلَى الْمَوْلَى ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى لَمْ يَصِرْ قَابِضًا مِنْ يَدِ الْآخِذِ، وَلَوْ جَاءَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ فَقَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْجُعْلُ، وَلَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَالْجُعْلُ عَلَيْهِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الرَّادُّ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إذَا أَشْهَدَ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ، أَمَّا إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا مَاتَ الْآبِقُ عِنْدَ الْآخِذِ أَوْ أَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَإِنْ كَانَ حِينَ أَخَذَ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَقْتَ الْأَخْذِ: هَذَا آبِقٌ قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute