تَكَفَّلَ لَهُ وَلَهُمْ بِالنَّصْرِ كَتَبَ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ سَيْفُ الدِّينِ غَازِيٌّ ابْنُ أَخِي نُورِ الدِّينِ إِلَى جَمَاعَةِ الْحَلَبِيِّينَ يَلُومُهُمْ عَلَى مَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ مِنَ الْمُصَالَحَةِ، وَقَدْ كَانَ إِذْ ذَاكَ مَشْغُولًا بِمُحَاصَرَةِ أَخِيهِ عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِيٍّ بِسِنْجَارَ - وَلَيْسَتْ هَذِهِ بِفِعْلَةٍ صَالِحَةٍ - وَمَا كَانَ سَبَبُ قِتَالِهِ لِأَخِيهِ إِلَّا انْتِمَاؤُهُ إِلَى طَاعَةِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ وَذَوِيهِ فَاصْطَلَحَ مَعَ أَخِيهِ حِينَ عَرَفَ قُوَّةَ النَّاصِرِ وَنَاصِرِيهِ، ثُمَّ حَرَّضَ الْحَلَبِيِّينَ عَلَى نَبْذِ الْعُهُودِ إِلَى الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ بِالْعُهُودِ الَّتِي عَاهَدُوهُ عَلَيْهَا وَدَعَوْهُ إِلَيْهَا، فَاسْتَعَانَ عَلَيْهِمْ بِاللَّهِ وَأَرْسَلَ إِلَى الْجُيُوشِ الْمِصْرِيَّةِ لِيَقْدَمُوا إِلَيْهِ فَأَقْبَلَ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ فِي عَسَاكِرِهِ وَمُشَارِيهِ وَدَسَاكِرِهِ. وَاجْتَمَعَ بِابْنِ عَمِّهِ الْمَلِكِ الصَّالِحِ عِمَادِ الدِّينِ إِسْمَاعِيلَ، وَسَارَ فِي عِشْرِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ عَلَى الْخُيُولِ الضُّمَّرِ الْجُرْدِ الْأَبَابِيلِ، وَسَارَ نَحْوَهُمُ النَّاصِرُ وَهُوَ كَالْهِزَبْرِ الْكَاسِرِ، وَإِنَّمَا مَعَهُ أَلْفُ فَارِسٍ مِنَ الْحُمَاةِ وَ {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٤٩] وَلَكِنَّ الْجُيُوشَ قَدْ خَرَجَتْ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي جَحَافِلَ كَالْجِبَالِ وَعُدَّةٍ وَعَدَدٍ كَالرِّمَالِ، فَاجْتَمَعَ الْفَرِيقَانِ وَتَدَاعَوْا لِلنِّزَالِ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الْعَاشِرِ مِنْ شَوَّالٍ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا هَائِلًا، حَتَّى حَمَلَ السُّلْطَانُ بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ، وَكَانَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ الْهَزِيمَةُ، فَقَتَلُوا خَلْقًا مِنَ الْحَلَبِيِّينَ وَالْمَوَاصِلَةِ وَأَخَذُوا مَضَارِبَ الْمَلِكِ سَيْفِ الدِّينِ غَازِيٍّ وَحَوَاصِلَهُ وَأَسَرُوا جَمَاعَةً مِنْ رُءُوسِهِمْ فَأَطْلَقَهُمُ السُّلْطَانُ بَعْدَمَا أَفَاضَ الْخِلَعَ عَلَى أَبْدَانِهِمْ وَرُءُوسِهِمْ، وَقَدْ كَانُوا اسْتَعَانُوا بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْفِرِنْجِ فِي حَالِ الْقِتَالِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ صَنِيعِ الصَّنَادِيدِ الْأَبْطَالِ. وَقَدْ وَجَدَ السُّلْطَانُ فِي مُخَيَّمِ السُّلْطَانِ غَازِيٍّ شَيْئًا مِنَ الْأَقْفَاصِ الَّتِي فِيهَا الطُّيُورُ الْمُطْرِبَةُ - وَذَلِكَ فِي مَجْلِسِ شَرَابِهِ الْمُسْكِرِ - وَكَيْفَ مَنْ كَانَ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute