للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْلَكَهُ وَمَذْهَبَهُ يَنْتَصِرُ؟! فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِرَدِّهَا عَلَيْهِ وَتَسْيِيرِهَا إِلَيْهِ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: قُلْ لَهُ بَعْدَ وُصُولِكَ إِلَيْهِ وَسَلَامِكَ عَلَيْهِ: اشْتِغَالُكَ بِهَذِهِ الطُّيُورِ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنَ الْوُقُوعِ فِيمَا رَأَيْتَ مِنَ الْمَحْذُورِ. وَغَنِمَ السُّلْطَانُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا كَثِيرًا فَفَرَّقَهُ عَلَى أَصْحَابِهِ وَأَحْبَابِهِ وَأَنْصَارِهِ غُيَّبًا كَانُوا أَوْ حُضُورًا، وَأَنْعَمَ بِخَيْمَةِ الْمَلِكِ سَيْفِ الدِّينِ غَازِيٍّ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ عِزِّ الدِّينِ فَرُّوخْشَاهْ بْنِ شَاهِنْشَاهْ بْنِ نَجْمِ الدِّينِ، وَرَدَّ مَا كَانَ فِي وِطَاقِهِ مِنَ الْجَوَارِي وَالْمُغَنِّيَاتِ، وَقَدْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ مُغَنِّيَةٍ وَرَدَّ الْأَقْفَاصَ وَآلَاتِ اللَّعِبِ إِلَى حَلَبَ وَقَالَ: قُولُوا لَهُ: هَذَا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنَ الْحَرْبِ. وَوَجَدَ عَسْكَرَ الْمَوَاصِلَةِ كَالْحَانَةِ مِنْ كَثْرَةِ الْخُمُورِ وَالْبَرَابِطِ وَالْمَلَاهِي، وَهَذِهِ سَبِيلُ مَنْ هُوَ عَنْ طَرِيقِ الْخَيْرِ سَاهٍ لَاهٍ.

فَصْلٌ

لَمَّا رَجَعَ الْحَلَبِيُّونَ إِلَى حَلَبَ وَقَدِ انْقَلَبُوا شَرَّ مُنْقَلَبٍ وَنَدِمُوا عَلَى نَقْضِهِمُ الْأَيْمَانَ وَمُخَالَفَتِهِمْ طَاعَةَ الرَّحْمَنِ وَشَقِّهِمُ الْعَصَا عَلَى السُّلْطَانِ حَصَّنُوا الْبَلَدَ خَوْفًا مِنْ وُثُوبِ الْأَسَدِ، وَأَسْرَعَ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ فَوَصَلَهَا، وَمَا صَدَّقَ حَتَّى دَخَلَهَا، وَأَمَّا السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِسْمَةِ مَا غَنِمَ مِمَّا تَرَكَهُ مَنْ عَطِبَ وَمَنْ سَلِمَ، أَسْرَعَ الْمَسِيرَ إِلَى حَلَبَ الشَّهْبَاءِ وَهُوَ فِي غَايَةِ السَّطْوَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْعِزَّةِ الْقَعْسَاءِ، فَوَجَدَهُمْ قَدْ حَصَّنُوهَا، وَالْقَلْعَةَ قَدْ أَحْكَمُوهَا فَقَالَ: مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَنْ نُبَادِرَ إِلَى فَتْحِ الْحُصُونِ الَّتِي حَوْلَ الْبَلَدِ، ثُمَّ نَعُودَ إِلَيْهِمْ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>