للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَيَوَانُ حَتَّى اجْتَازَ مَلِكُهُمْ بِنَهْرٍ شَدِيدِ الْجَرْيَةِ فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ أَنْ يَسْبَحَ فِيهِ فَلَمَّا صَارَ فِيهِ حَمَلَهُ الْمَاءُ إِلَى جِذْعِ شَجَرَةٍ فَشَجَّتْ رَأْسَهُ وَأَخْمَدَتْ أَنْفَاسَهُ وَأَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُ الْمُسْلِمِينَ وَحُشِرَتْ رُوحُهُ إِلَى سِجِّينٍ فَأُقِيمُ وَلَدُهُ الْأَصْغَرُ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ، وَقَدْ تَمَزَّقَ شَمْلُهُمْ وَقَلَّتْ مِنْهُمُ الْعُدَّةُ ثُمَّ أَقْبَلُوا لَا يَجْتَازُونَ بِبَلَدٍ إِلَّا قُتِلُوا فِيهِ وَقَلَّ عَدَدُهُمْ حَتَّى جَاءُوا إِلَى أَصْحَابِهِمُ الْمُحَاصِرِينَ لَعَكَّا وَهُمْ فِي أَلْفِ فَارِسٍ وَلَيْسَ لَهُمْ قَدْرٌ وَلَا قِيمَةٌ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِمْ وَلَا غَيْرِهِمْ وَهَكَذَا سُنَّةُ اللَّهِ فِيمَنْ أَرَادَ مُخَالَفَةَ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ فِي إِهْلَاكِهِ وَتَمْزِيقِ شَمْلِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَفَضْلِهِ.

وَزَعَمَ الْعِمَادُ فِي سِيَاقِهِ أَنَّ الْأَلْمَانَ وَصَلُوا فِي خَمْسَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ وَأَنَّ مُلُوكَ الْفِرِنْجِ كُلَّهُمْ كَرِهُوا قُدُومَهُمْ عَلَيْهِمْ لِمَا يَخَافُونَ مِنْ سَطْوَتِهِ وَزَوَالِ دَوْلَتِهِمْ بِدَوْلَتِهِ وَلَمْ يَفْرَحْ بِهِ إِلَّا الْمَرْكِيسُ صَاحِبُ صُورَ الَّذِي أَنْشَأَ هَذِهِ الْفِتْنَةَ وَأَثَارَ هَذِهِ الْمِحْنَةَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ تَقَوَّى بِهِ وَبِجَيْشِهِ وَكَيْدِهِ فَإِنَّهُ كَانَ خَبِيرًا بِالْحُرُوبِ وَالْقِتَالِ وَأَحْدَثَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ لَمْ تَخْطُرْ لِأَحَدٍ بِبَالٍ نَصَبَ دَبَّابَاتٍ أَمْثَالَ الْجِبَالِ تَسِيرُ بِعَجَلٍ وَلَهَا زُلُّومٌ مِنْ حَدِيدٍ تَنْطَحُ السُّورَ فَتَكْسِرُهُ وَتَثْلَمُ جَوَانِبَهُ فَمَنَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ بِإِحْرَاقِهَا وَإِهْلَاكِهَا وَأَرَاحَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّهَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَنَهَضَ بِالْعَسْكَرِ الْفِرِنْجيِّ فَصَادَمَ بِهِ جَيْشَ الْمُسْلِمِينَ وَنَاصَبَ بِالْحَرْبِ صَلَاحَ الدِّينِ فَمَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِالنُّصْرَةِ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَتِ الْجُيُوشُ بِرُمَّتِهَا إِلَيْهِ فَقَتَلُوا مِنَ الْكَفَرَةِ خَلْقًا كَثِيرًا وَجَمًّا غَفِيرًا وَهَجَمُوا مَرَّةً عَلَى الْمُخَيَّمِ بَغْتَةً فَنَهَبُوا شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَمْتِعَةِ فَنَهَضَ إِلَيْهِمُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>