للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

وَكَانَ الْقَاضِي الْفَاضِلُ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يُدَبِّرُ الْمَمَالِكَ بِهَا وَيُجَهِّزُ إِلَى السُّلْطَانِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالنَّفَقَاتِ وَعَمَلِ الْأُسْطُولِ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِيهِ مِنْ مَحْصُولٍ، وَالْكُتُبُ السُّلْطَانِيَّةُ وَارِدَةٌ إِلَيْهِ فِي كُلِّ حِينٍ وَيَسْتَشِيرُهُ فِيمَا يُصْلِحُ بِهِ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ الْكُتُبُ الْفَاضِلَةُ قَادِمَةٌ عَلَى السُّلْطَانِ فِي كُلِّ أَوَانٍ، فَمِنْ ذَلِكَ كِتَابٌ يَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ سَبَبَ هَذَا التَّطْوِيلِ فِي الْحِصَارِ إِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ وَارْتِكَابِ الْمَحَارِمِ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ فِي بَعْضِهَا إِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَلَا يُفْرِّجُ الشَّدَائِدَ إِلَّا بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ وَالِامْتِثَالِ لِشَرِيعَتِهِ، وَالْمَعَاصِي فِي كُلِّ مَكَانِ بَادِيَةٌ، وَالْمَظَالِمُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ فَاشِيَّةٌ، وَقَدْ طَلَعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا مَا لَا يُتَوَقَّعُ بَعْدَهَا إِلَّا مَا يُسْتَعَاذُ مِنْهُ، وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَدْ ظَهَرَ فِيهِ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ وَالْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ فِي بِلَادِهِ مَا لَا يُمْكِنُ تَلَافِيهِ إِلَّا بِكُلْفَةٍ كَثِيرَةٍ.

وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابٌ يَقُولُ فِيهِ: إِنَّمَا أُتِينَا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِنَا وَلَوْ صَدَقْنَاهُ لِعَجَّلَ لَنَا عَوَاقِبَ صِدْقِنَا وَلَوْ أَطَعْنَاهُ لَمَّا عَاقَبَنَا بِعَدُوِّنَا وَلَوْ فَعَلْنَا مَا نَقَدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِ لَفَعَلَ لَنَا مَا لَا نَقَدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا بِهِ فَلَا يَسْتَخْصِمُ أَحَدٌ إِلَّا عَمَلَهُ وَلَا يَلُمْ إِلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَرْجُ إِلَّا رَبَّهُ وَلَا تُنْتَظَرُ الْعَسَاكِرُ أَنْ تَكْثُرَ وَلَا الْأَمْوَالُ أَنْ تُحْصَرَ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>