وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ وَمَعُونَتِهِ وَهِدَايَتِهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ: بَلَغَنَا أَنَّ أَوَّلَ مَنْ صَافَحَ، ذُو الْقَرْنَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى أُمَّهُ ; إِذَا هُوَ مَاتَ أَنْ تَصْنَعَ طَعَامًا، وَتَجْمَعَ نِسَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَتَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ، وَتَأْذَنَ لَهُنَّ فِيهِ، إِلَّا مَنْ كَانَتْ ثَكْلَى، فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا، فَلَمَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ لَمْ تَضَعْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ يَدَهَا فِيهِ، فَقَالَتْ لَهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ! كُلُّكُنَّ ثَكْلَى! فَقُلْنَ: أَيْ وَاللَّهِ مَا مِنَّا إِلَّا مَنْ أُثْكِلَتْ. فَكَانَ ذَلِكَ تَسْلِيَةً لِأُمِّهِ. وَذَكَرَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَصِيَّةَ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَوْعِظَتَهُ أُمَّهُ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً طَوِيلَةً، فِيهَا حِكَمٌ وَأُمُورٌ نَافِعَةٌ، وَأَنَّهُ مَاتَ وَعُمْرُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَهَذَا غَرِيبٌ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَبَلَغَنِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ عَاشَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: كَانَ عُمْرُهُ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَانَ بَعْدَ دَاوُدَ بِسَبْعِمِائَةِ سَنَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ بَعْدَ آدَمَ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَكَانَ مُلْكُهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إِنَّمَا يَنْطَبِقُ عَلَى إِسْكَنْدَرَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ، وَقَدْ خَلَطَ فِي أَوَّلِ التَّرْجَمَةِ وَآخِرِهَا بَيْنَهُمَا، وَالصَّوَابُ التَّفْرِقَةُ كَمَا ذَكَرْنَا، اقْتِدَاءً بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْحُفَّاظِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute