للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: ٢٤] وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّسْيَانَ قَدْ يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَذِكْرُ اللَّهِ يَطْرُدُهُ عَنِ الْقَلْبِ، فَيَذْكُرُ مَا كَانَ قَدْ نَسِيَهُ. وَقَوْلُهُ: {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} [الكهف: ٢٤] أَيْ: إِذَا اشْتَبَهَ أَمْرٌ وَأَشْكَلَ حَالٌ وَالْتَبَسَ أَقْوَالُ النَّاسِ فِي شَيْءٍ، فَارْغَبْ إِلَى اللَّهِ يُيَسِّرْهُ لَكَ، وَيُسَهِّلْهُ عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: ٢٥] لَمَّا كَانَ فِي الْإِخْبَارِ بِطُولِ مُدَّةِ لُبْثِهِمْ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ، ذَكَرَهَا تَعَالَى، وَهَذِهِ التِّسْعُ الْمَزِيدَةُ بِالْقَمَرِيَّةِ، وَهِيَ لِتَكْمِيلِ ثَلَاثِمِائَةٍ شَمْسِيَّةٍ، فَإِنَّ كُلَّ مِائَةٍ قَمَرِيَّةٍ تَنْقُصُ عَنِ الشَّمْسِيَّةِ ثَلَاثَ سِنِينَ {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} [الكهف: ٢٦] أَيْ إِذَا سُئِلْتَ عَنْ مِثْلِ هَذَا، وَلَيْسَ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ نَقْلٌ، فَرُدَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ {لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الكهف: ٢٦] أَيْ: هُوَ الْعَالِمُ بِالْغَيْبِ، فَلَا يُطْلِعُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} [الكهف: ٢٦] يَعْنِي أَنَّهُ يَضَعُ الْأَشْيَاءَ فِي مَحَالِّهَا لِعِلْمِهِ التَّامِّ بِخَلْقِهِ، وَبِمَا يَسْتَحِقُّونَهُ، ثُمَّ قَالَ: {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف: ٢٦] أَيْ: بَلْ هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالْمُلْكِ وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>