للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ الْعَزِيزِ مُحَمَّدِ بْنِ الظَّاهِرِ غَازِي بْنِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ شَادِي فَاتِحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَانَ عَمِلُ هَذَا الْعَزَاءِ بِقَلْعَةِ الْجَبَلِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ الظَّاهِرِ رُكْنِ الدِّينِ بِيبَرْسَ، وَذَلِكَ لَمَّا بَلَغَهُمْ أَنَّ هُولَاكُو مَلِكَ التَّتَارِ قَتَلَهُ، وَقَدْ كَانَ فِي قَبْضَتِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ كَسْرُهُ أَصْحَابَهُ بِعَيْنِ جَالُوتَ طَلَبَهُ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ أَرْسَلْتَ الْجُيُوشَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ حَتَّى اقْتَتَلُوا مَعَ الْمَغُولِ، فَكَسَرُوهُمْ. ثُمَّ أَمَرَ بِقَتْلِهِ.

وَيُقَالُ: إِنَّهُ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، وَذَكَرَ لَهُ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ كَانُوا أَعْدَاءَهُ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ شَنَآنٌ وَقِتَالٌ، فَأَقَالَهُ وَلَكِنَّهُ انْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ عِنْدَهُ، وَقَدْ كَانَ مُكَرَّمًا فِي خِدْمَتِهِ، وَقَدْ وَعَدَهُ أَنَّهُ إِذَا مَلَكَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ اسْتَنَابَهُ فِي الشَّامِ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ حِمْصَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقُتِلَ فِيهَا أَصْحَابُ هُولَاكُو مَعَ مُقَدَّمِهِمْ بَيْدَرَةَ غَضِبَ وَقَالَ لَهُ: أَصْحَابُكَ مِنَ الْعَزِيزِيَّةِ أُمَرَاءِ أَبْيَكَ وَالنَّاصِرِيَّةِ مِنْ أَصْحَابِكَ قَتَلُوا أَصْحَابَنَا. ثُمَّ أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ رَمَاهُ بِالنُّشَّابِ وَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ يَسْأَلُ الْعَفْوَ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قَتَلَهُ وَقَتَلَ أَخَاهُ شَقِيقَهُ الْمَلِكَ الظَّاهِرَ عَلِيًّا، وَأَطْلَقَ وَلَدَيْهِمَا الْعَزِيزَ مُحَمَّدَ بْنَ النَّاصِرِ وَزِبَالَةَ بْنَ الظَّاهِرِ، وَكَانَا صَغِيرَيْنِ مِنْ أَحْسَنِ أَشْكَالِ بَنِي آدَمَ، فَأَمَّا الْعَزِيزُ فَإِنَّهُ مَاتَ هُنَالِكَ فِي أَسْرِ التَّتَارِ، وَأَمَّا زِبَالَةُ فَإِنَّهُ صَارَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَكَانَ أَحْسَنَ مَنْ بِهَا، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَمَّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا: وَجْهُ الْقَمَرِ. فَتَزَوَّجَهَا بَعْضُ الْأُمَرَاءِ بَعْدَ أُسْتَاذِهَا الْمَذْكُورِ.

وَيُقَالُ: إِنَّ هُولَاكُو لَمَّا أَرَادَ قَتْلَ النَّاصِرِ أَمَرَ بِأَرْبَعٍ مِنَ الشَّجَرِ مُتَبَاعِدَاتٍ فَجُمِعَتْ رُءُوسُهَا بِحِبَالٍ، ثُمَّ رُبِطَ النَّاصِرُ فِي الْأَرْبَعِ بِأَرْبَعَتِهِ ثُمَّ أُطْلِقَتِ الْحِبَالُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>