قُبْرُصَ مَاتَ أَكْثَرُهُمْ أَوْ مَا يُقَارِبُ ذَلِكَ، وَكَذَا وَقَعَ بِغَزَّةَ أَمْرٌ عَظِيمٌ فِي أَوَائِلِ هَذِهِ السَّنَةِ. وَقَدْ جَاءَتْ مُطَالَعَةُ نَائِبِ غَزَّةَ إِلَى نَائِبِ دِمَشْقَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ يَوْمِ عَاشُورَاءَ إِلَى مِثْلِهِ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ نَحْوٌ مِنْ بِضْعَةِ عَشَرَ أَلْفًا، وَقُرِئَ " الْبُخَارِيُّ " فِي رَبْعَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ سَابِعَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَحَضَرَ الْقُضَاةُ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَقَرَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُقْرِئُونَ، وَدَعَا النَّاسُ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ عَنِ الْبِلَادِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ لِمَا بَلَغَهُمْ مِنْ حُلُولِ هَذَا الْمَرَضِ فِي السَّوَاحِلِ، وَغَيْرِهَا مِنْ أَرْجَاءِ الْبِلَادِ - يَتَوَهَّمُونَ وَيَخَافُونَ مِنْ وُقُوعِهِ بِمَدِينَةِ دِمَشْقَ حَمَاهَا اللَّهُ وَسَلَّمَهَا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَهُمْ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهَا بِهَذَا الدَّاءِ. وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَحَدِ تَاسِعِهِ اجْتَمَعَ النَّاسُ بِمِحْرَابِ الصَّحَابَةِ، وَقَرَءُوا مُتَوَزِّعِينَ " سُورَةَ نُوحٍ " ثَلَاثَةَ آلَافِ مَرَّةٍ، وَثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَسِتِّينَ مَرَّةً، عَنْ رُؤْيَا رَجُلٍ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرْشِدُهُ إِلَى قِرَاءَةِ ذَلِكَ كَذَلِكَ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أَيْضًا كَثُرَ الْمَوْتُ فِي النَّاسِ بِأَمْرَاضِ الطَّوَاعِينِ، وَزَادَ الْأَمْوَاتُ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى الْمِائَةِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَإِذَا وَقَعَ فِي أَهْلِ بَيْتٍ لَا يَكَادُ يَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يَمُوتَ أَكْثَرُهُمْ، وَلَكِنَّهُ بِالنَّظَرِ إِلَى كَثْرَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ قَلِيلٌ، وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَجَمٌّ غَفِيرٌ، وَلَا سِيَّمَا مِنَ النِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَوْتَ فِيهِنَّ أَكْثَرُ مِنَ الرِّجَالِ بِكَثِيرٍ كَثِيرٍ، وَشَرَعَ الْخَطِيبُ فِي الْقُنُوتِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَالدُّعَاءِ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ مِنَ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ سَادِسَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَحَصَلَ لِلنَّاسِ بِذَلِكَ خُضُوعٌ، وَخُشُوعٌ، وَتَضَرُّعٌ، وَإِنَابَةٌ، وَكَثُرَتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute