للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَمْوَاتُ فِي هَذَا الشَّهْرِ جِدًّا، وَزَادُوا عَلَى الْمِائَتَيْنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَتَضَاعَفَ عَدَدُ الْمَوْتَى مِنْهُمْ، وَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُ النَّاسِ، وَتَأَخَّرَتِ الْمَوْتَى عَنْ إِخْرَاجِهِمْ، وَزَادَ ضَمَانُ الْمَوْتَى جِدًّا، فَتَضَرَّرَ النَّاسُ وَلَا سِيَّمَا الصَّعَالِيكُ; فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ عَلَى الْمَيِّتِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا، فَرَسَمَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِإِبْطَالِ ضَمَانِ النُّعُوشِ، وَالْمُغَسِّلِينَ، وَالْحَمَّالِينَ، وَنُودِيَ بِإِبْطَالِ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَادِسَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَوُقِفَتْ نُعُوشٌ كَثِيرَةٌ فِي أَرْجَاءِ الْبَلَدِ، وَاتَّسَعَ النَّاسَ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ كَثُرَتِ الْمَوْتَى، فَاللَّهُ الْمُتْسِعَانُ.

وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ نُودِيَ فِي الْبَلَدِ أَنْ يَصُومَ النَّاسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَنْ يَخْرُجُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ إِلَى عِنْدِ مَسْجِدِ الْقَدْمِ يَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللَّهِ، وَيَسْأَلُونَهُ فِي رَفْعِ الْوَبَاءِ عَنْهُمْ، فَصَامَ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَنَامَ النَّاسُ فِي الْجَامِعِ، وَأَحْيَوُا اللَّيْلَ كَمَا يَفْعَلُونَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ السَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ، خَرَجَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ إِلَى الصَّحْرَاءِ، وَالْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى، وَالسَّامِرَةُ، وَالشُّيُوخُ، وَالْعَجَائِزُ، وَالصِّبْيَانُ، وَالْفُقَرَاءُ، وَالْأُمَرَاءُ، وَالْكُبَرَاءُ، وَالْقُضَاةُ، مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَمَا زَالُوا هُنَالِكَ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى تَعَالَى النَّهَارُ جِدًّا، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.

وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ عَاشِرِ جُمَادَى الْأُولَى صَلَّى الْخَطِيبُ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ مَيِّتًا جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَتَهَوَّلَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، وَانْذَعَرُوا، وَكَانَ الْمَوْتُ يَوْمَئِذٍ كَثِيرًا، رُبَّمَا يُقَارِبُ الثَّلَاثَمِائَةٍ بِالْبَلَدِ وَحَوَاضِرِهِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَصُلِّيَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ مَيِّتًا بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَصُلِّيَ بِجَامِعِ الْخَيْلِ عَلَى إِحْدَى عَشَرَةَ نَفْسًا، رَحِمَهُمُ اللَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>