فَلَمَّا عَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ، وَبَطَرُوا نِعْمَتَهُ، وَسَأَلُوا بَعْدَ تَقَارُبِ مَا بَيْنَ قُرَاهُمْ، وَطِيبِ مَا بَيْنَهَا مِنَ الْبَسَاتِينِ، وَأَمْنِ الطُّرُقَاتِ سَأَلُوا أَنْ يُبَاعَدَ بَيْنَ أَسْفَارِهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ سَفَرُهُمْ فِي مَشَاقٍّ وَتَعَبٍ، وَطَلَبُوا أَنْ يُبَدَّلُوا بِالْخَيْرِ شَرًّا، كَمَا سَأَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بَدَلَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى الْبُقُولَ ; وَالْقِثَّاءَ وَالْفُومَ وَالْعَدَسَ وَالْبَصَلَ فَسُلِبُوا تِلْكَ النِّعْمَةَ الْعَظِيمَةَ وَالْحَسَنَةَ الْعَمِيمَةَ بِتَخْرِيبِ الْبِلَادِ وَالشَّتَاتِ عَلَى وُجُوهِ الْعِبَادِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [سبأ: ١٦] قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى أَصْلِ السَّدِّ الْفَارَ وَهُوَ الْجُرَذُ، وَيُقَالَ: الْخُلْدُ. فَلَمَّا فَطِنُوا لِذَلِكَ أَرْصَدُوا عِنْدَهَا السَّنَانِيرَ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا إِذْ قَدْ حُمَّ الْقَدَرُ، وَلَمْ يَنْفَعِ الْحَذَرُ كَلَّا لَا وَزَرَ فَلَمَّا تَحَكَّمَ فِي أَصْلِهِ الْفَسَادُ سَقَطَ وَانْهَارَ فَسَلَكَ الْمَاءُ الْقَرَارَ فَقُطِعَتْ تِلْكَ الْجَدَاوِلُ وَالْأَنْهَارُ، وَانْقَطَعَتْ تِلْكَ الثِّمَارُ، وَبَادَتْ تِلْكَ الزُّرُوعُ وَالْأَشْجَارُ، وَتَبَدَّلُوا بَعْدَهَا بِرَدِيءِ الْأَشْجَارِ وَالْأَثْمَارِ كَمَا قَالَ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ} [سبأ: ١٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: هُوَ الْأَرَاكُ وَثَمَرُهُ الْبَرِيرُ، وَأَثْلٍ وَهُوَ الطَّرْفَاءُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute