للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: يُشْبِهُهُ وَهُوَ حَطَبٌ لَا ثَمَرَ لَهُ {وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سبأ: ١٦] وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُثْمِرُ النَّبْقُ كَانَ قَلِيلًا مَعَ أَنَّهُ ذُو شَوْكٍ كَثِيرٍ، وَثَمَرُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كَمَا يُقَالَ فِي الْمَثَلِ: لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْرٍ لَا سَهْلَ فَيُرْتَقَى وَلَا سَمِينَ فَيُنْتَقَى; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ: ١٧] أَيْ: إِنَّمَا نُعَاقِبُ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ الشَّدِيدَةَ مَنْ كَفَرَ بِنَا وَكَذَّبَ رُسُلَنَا، وَخَالَفَ أَمْرَنَا، وَانْتَهَكَ مَحَارِمَنَا، وَقَالَ تَعَالَى {فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: ١٩] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا هَلَكَتْ أَمْوَالُهُمْ، وَخَرِبَتْ بِلَادُهُمُ احْتَاجُوا أَنْ يَرْتَحِلُوا مِنْهَا، وَيَنْتَقِلُوا عَنْهَا فَتَفَرَّقُوا فِي غَوْرِ الْبِلَادِ وَنَجْدِهَا ; أَيْدِيَ سَبَأٍ شَذَرَ مَذَرَ فَنَزَلَتْ طَوَائِفُ مِنْهُمُ الْحِجَازَ، وَهُمْ خُزَاعَةُ نَزَلُوا ظَاهِرِ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا سَنَذْكُرُهُ، وَمِنْهُمُ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ الْيَوْمَ فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ سَكَنَهَا، ثُمَّ نَزَلَتْ عِنْدَهُمْ ثَلَاثُ قَبَائِلَ مِنَ الْيَهُودِ; بَنُو قَيْنُقَاعَ، وَبَنُو قُرَيْظَةَ، وَبَنُو النَّضِيرِ فَحَالَفُوا الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ وَأَقَامُوا عِنْدَهُمْ وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا سَنَذْكُرُهُ، وَنَزَلَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْهُمُ الشَّامَ، وَهُمُ الَّذِينَ تَنَصَّرُوا فِيمَا بَعْدُ، وَهُمْ غَسَّانُ وَعَامِلَةُ وَبَهْرَاءُ وَلَخْمٌ وَجُذَامٌ وَتَنُوخُ وَتَغْلِبُ وَغَيْرُهُمْ، وَسَنَذْكُرُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِ فُتُوحِ الشَّامِ فِي زَمَنِ الشَّيْخَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ الْأَعْشَى بْنُ قَيْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>