فَتُمْطِرُهُمْ، وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ لَهُمْ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ، وَأَنْفُسُهُمْ وَتَرْجِعُ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيهِمْ سِمَانًا لَبَنًا، وَمَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَمْرَهُ تُصِيبُهُمُ السَّنَةُ وَالْجَدْبُ وَالْقَحْطُ وَالْغُلَّةُ وَمَوْتُ الْأَنْعَامِ وَنَقْصُ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، وَأَنَّهُ يَتْبَعُهُ كُنُوزُ الْأَرْضِ كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، وَأَنَّهُ يَقْتُلُ ذَلِكَ الشَّابَّ ثُمَّ يُحْيِيهِ، وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِمَخْرَقَةٍ، بَلْ لَهُ حَقِيقَةٌ امْتَحَنَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، فَيُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا، وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا، يَكْفُرُ الْمُرْتَابُونَ، وَيَزْدَادُ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا.
وَقَدْ حَمَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَعْنَى الْحَدِيثِ: «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ». أَيْ هُوَ أَقَلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَا يُضِلُّ بِهِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّهُ نَاقِصٌ، ظَاهِرُ النَّقْصِ وَالْفُجُورِ وَالظُّلْمِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا مَعَهُ مِنَ الْخَوَارِقِ; فَبَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ: كَافِرٌ. كِتَابَةً ظَاهِرَةً، وَقَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ الشَّارِعُ فِي خَبَرِهِ بِقَوْلِهِ: «كَ فَ رَ». فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كِتَابَةٌ حِسِّيَّةٌ، لَا مَعْنَوِيَّةٌ، كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَعَيْنُهُ الْوَاحِدَةُ عَوْرَاءُ شَنِيعَةُ الْمَنْظَرِ نَاتِئَةٌ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ». أَيْ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَمَنْ رَوَى ذَلِكَ: «طَافِئَةٌ». فَمَعْنَاهُ: لَا ضَوْءَ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «كَأَنَّهَا نُخَامَةٌ عَلَى حَائِطٍ مُجَصَّصٍ». أَيْ بَشِعَةُ الشَّكْلِ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ عَيْنَهُ الْيُمْنَى عَوْرَاءُ، وَجَاءَ فِي بَعْضِهَا: الْيُسْرَى. فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ، أَوْ أَنَّ الْعَوَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute