بِكِتَابٍ فِي بَاطِنِهِ سَيِّئَاتُهُ، وَفِي ظَاهِرِهِ حَسَنَاتُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ كِتَابَكَ. فَيَقْرَأُ بَاطِنَهُ، فَيُسَاءُ بِمَا فِيهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى آخِرِهَا قَرَأَ فِيهِ: «هَذِهِ سَيِّئَاتُكَ، وَقَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَغَفَرْتُهَا لَكَ الْيَوْمَ». وَيَغْبِطُهُ بِهَا الْأَشْهَادُ - أَوْ قَالَ: أَهْلُ الْجَمْعِ - مِمَّا يَقْرَءُونَ فِي ظَاهِرِ كِتَابِهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَيَقُولُونَ: سَعِدَ هَذَا. ثُمَّ يُؤْمَرُ بِتَحْوِيلِهِ، وَقِرَاءَةِ مَا فِي ظَاهِرِهِ، فَيُحَوِّلُهُ، وَيُبَدِّلُ اللَّهُ ﷿ مَا كَانَ فِي بَاطِنِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ حَسَنَاتٍ، وَيَقْرَأُ حَسَنَاتَهُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِهَا، ثُمَّ يَقُولُ: «هَذِهِ حَسَنَاتُكَ، قَدْ قَبِلْتُهَا مِنْكَ». فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَمْعِ: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ [الْحَاقَّةِ: ١٩، ٢٠]. قَالَ: وَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ يَأْخُذُهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ كِتَابَكَ. فَيَقْرَأُ كِتَابَهُ فِي بَاطِنِهِ حَسَنَاتُهُ، وَفِي ظَاهِرِهِ سَيِّئَاتُهُ، فَيَقْرَؤُهَا أَهْلُ الْمَوْقِفِ - أَوْ قَالَ: أَهْلُ الْجَمْعِ - وَيَقُولُونَ: هَلَكَ هَذَا. فَإِذَا أَتَى عَلَى آخَرِ حَسَنَاتِهِ، قِيلَ: «هَذِهِ حَسَنَاتُكَ، وَقَدْ رَدَدْتُهَا عَلَيْكَ». وَيُؤْمَرُ بِتَحْوِيلِهِ، فَيَقْرَأُ سَيِّئَاتِهِ. حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَمْعِ: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ [الْحَاقَّةِ: ٢٥ - ٢٩].
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُؤْتَى بِابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ بَذَجٌ - وَالْبَذَجُ وَلَدُ الشَّاةِ - فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ ﷿: أَيْنَ مَا خَوَّلْتُكَ؟ أَيْنَ مَا مَلَّكْتُكَ؟ أَيْنَ مَا أَعْطَيْتُكَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، جَمَعْتُهُ وَثَمَّرْتُهُ، وَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute