للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَفَعَ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَى سَقْفِهِ، فَإِذَا مِثْلُ الْبَرْقِ، وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ أَنْ لَا يَذْهَبَ بَصَرُهُ لَأَلَمَّ أَنْ يَذْهَبَ بِبَصَرِهِ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَإِذَا أَزْوَاجُهُ، وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ، وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ، وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ، ثُمَّ اتَّكَئُوا، فَقَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هُدَانَا اللَّهُ. ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: تَحْيَوْنَ فَلَا تَمُوتُونَ أَبَدًا، وَتُقِيمُونَ فَلَا تَظْعَنُونَ أَبَدًا، وَتَصِحُّونَ فَلَا تَمْرَضُونَ أَبَدًا.

وَهَذَا الْأَثَرُ يَقْتَضِي أَنَّ تَغْيِيرَ الشَّكْلِ مِنَ الْحَالِ الَّذِي كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا إِلَى طُولِ سِتِّينَ ذِرَاعًا، وَعَرْضِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، كَمَا هِيَ صِفَةُ كُلِّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ، يَكُونُ عِنْدَ هَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ يَغْتَسِلُونَ مِنْ إِحْدَاهُمَا، فَتَجْرِي عَلَيْهِمُ نَضْرَةُ النَّعِيمِ وَيَشْرَبُونَ مِنَ الْأُخْرَى فَتَغْسِلُ مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنَ الْأَذَى، فَيَتَجَدَّدُ لَهُمُ الطُّولُ وَالْعَرْضُ، وَذَهَابُ الْأَذَى، وَجَرَيَانُ نَضْرَةِ النَّعِيمِ بَعْدَ الْغَسْلِ وَالشُّرْبِ. وَهَذَا أَنْسَبُ وَأَقْرَبُ مِمَّا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ، وَأَبْعَدُ مِنْ هَذَا مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْقُبُورِ ; لِمَا يُعَارِضُهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ صُوِّرَ صُورَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأُلْبِسَ لِبَاسَهُمْ، وَحُلِّيَ حِلْيَتَهُمْ، وَأُرِيَ أَزْوَاجَهُ وَخَدَمَهُ، يَأْخُذُهُ سُوَارُ فَرَحٍ، لَوْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمُوتَ لَمَاتَ مِنْ شِدَّةِ سُوَارِ فَرَحِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ سُوَارَ فَرَحِكَ هَذَا، فَإِنَّهُ قَائِمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>