للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَقَدْ قَدَّمْنَا حَجَّهُمَا إِلَيْهِ وَالْمَقْصُودُ الْحَجُّ إِلَى مَحَلِّهِ، وَبُقْعَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ بِنَاءٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ أَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمَ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِطُولِهِ، وَتَمَامِهِ وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٦] أَهْوَ أَوَّلُ بَيْتٍ بُنِيَ فِي الْأَرْضِ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ فِيهِ الْبَرَكَةُ لِلنَّاسِ وَالْهُدَى، وَمَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمِنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا، وَإِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ كَيْفَ بِنَاؤُهُ; إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى إِبْرَاهِيمَ: أَنِ ابْنِ لِي بَيْتًا فِي الْأَرْضِ فَضَاقَ بِهِ ذَرْعًا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ السَّكِينَةَ، وَهِيَ رِيحٌ خَجُوجٌ لَهَا رَأْسٌ فَاتَّبَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ حَتَّى انْتَهَتْ، ثُمَّ تَطَوَّقَتْ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ تَطَوُّقَ الْحَيَّةِ فَبَنَى إِبْرَاهِيمُ حَتَّى بَلَغَ مَكَانَ الْحَجَرِ قَالَ لِابْنِهِ: أَبْغِنِي حَجَرًا. فَالْتَمَسَ حَجَرًا حَتَّى أَتَاهُ بِهِ فَوَجَدَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ قَدْ رُكِّبَ فَقَالَ لِأَبِيهِ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: جَاءَ بِهِ مَنْ لَا يَتَّكِلُ عَلَى بِنَائِكَ، جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ مِنَ السَّمَاءِ فَأَتَمَّهُ. قَالَ: فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ فَبَنَتْهُ الْعَمَالِقَةُ، ثُمَّ انْهَدَمَ فَبَنَتْهُ جُرْهُمٌ، ثُمَّ انْهَدَمَ فَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ شَابٌّ فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَرْفَعُوا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ اخْتَصَمُوا فِيهِ فَقَالُوا: يَحْكُمُ بَيْنَنَا أَوَّلُ رَجُلٍ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>