للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى أَرْضِ الشَّقَاءِ، وَالتَّعَبِ، وَالنَّصَبِ، وَالْكَدَرِ، وَالسَّعْيِ، وَالنَّكَدِ، وَالِابْتِلَاءِ، وَالِاخْتِبَارِ، وَالِامْتِحَانِ، وَاخْتِلَافِ السُّكَّانِ ; دِينًا، وَأَخْلَاقًا، وَأَعْمَالًا، وَقُصُودًا، وَإِرَادَاتٍ، وَأَقْوَالًا، وَأَفْعَالًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: ٣٦] . وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا فِي السَّمَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} [الإسراء: ١٠٤] . وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ كَانُوا فِيهَا لَمْ يَكُونُوا فِي السَّمَاءِ.

قَالُوا: وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُنْكِرُ وُجُودَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ الْيَوْمَ، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا، فَكُلُّ مَنْ حُكِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ مِنَ السَّلَفِ، وَأَكْثَرِ الْخَلَفِ مِمَّنْ يُثْبِتُ وُجُودَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ الْيَوْمَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ، وَالْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ، كَمَا سَيَأْتِي إِيرَادُهَا فِي مَوْضِعِهَا، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} [البقرة: ٣٦] . أَيْ: عَنِ الْجَنَّةِ: {فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: ٣٦] . أَيْ: مِنَ النَّعِيمِ وَالنَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ إِلَى دَارِ التَّعَبِ وَالْكَدِّ وَالنَّكَدِ، وَذَلِكَ بِمَا وَسْوَسَ لَهُمَا وَزَيَّنَهُ فِي صُدُورِهِمَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: ٢٠] . يَقُولُ: مَا نَهَاكُمَا عَنْ أَكْلِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنَّ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ. أَيْ: وَلَوْ أَكَلْتُمَا مِنْهَا لَصِرْتُمَا كَذَلِكَ: {وَقَاسَمَهُمَا} [الأعراف: ٢١] . أَيْ: حَلَفَ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ: {إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: ٢١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>