للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ. فَذَكَرَ أَنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ بِأَنْوَاعِ الدَّعْوَةِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالسِّرِّ وَالْإِجْهَارِ، بِالتَّرْغِيبِ تَارَةً وَالتَّرْهِيبِ أُخْرَى، وَكُلُّ هَذَا فَلَمْ يَنْجَحْ فِيهِمْ، بَلِ اسْتَمَرَّ أَكْثَرُهُمْ عَلَى الضَّلَالَةِ وَالطُّغْيَانِ، وَعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ، وَنَصَبُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَأَوَانٍ، وَتَنَقَّصُوهُ وَتَنَقَّصُوا مَنْ آمَنَ بِهِ. وَتَوَعَّدُوهُمْ بِالرَّجْمِ وَالْإِخْرَاجِ، وَنَالُوا مِنْهُمْ، وَبَالَغُوا فِي أَمْرِهِمْ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ. أَيِ: السَّادَةُ الْكُبَرَاءُ مِنْهُمْ: إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الْأَعْرَافِ: ٦٠]. أَيْ: لَسْتُ كَمَا تَزْعُمُونَ مِنْ أَنِّي ضَالٌّ بَلْ عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ، رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَيِ: الَّذِي يَقُولُ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الْأَعْرَافِ: ٦٢]. وَهَذَا شَأْنُ الرَّسُولِ أَنْ يَكُونَ بَلِيغًا، أَيْ: فَصِيحًا نَاصِحًا أَعْلَمَ النَّاسِ باللَّهِ ﷿. وَقَالُوا لَهُ فِيمَا قَالُوا: مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ [هُودٍ: ٢٧]. تَعَجَّبُوا أَنْ يَكُونَ بَشَرًا رَسُولًا، وَتَنَقَّصُوا بِمَنِ اتَّبَعَهُ، وَرَأَوْهُمْ أَرَاذِلَهُمْ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَقْيَادِ النَّاسِ، وَهُمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، كَمَا قَالَ هِرَقْلُ: وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ لَهُمْ مِنَ اتِّبَاعِ الْحَقِّ. وَقَوْلُهُمْ: بَادِيَ الرَّأْيِ. أَيْ: بِمُجَرَّدِ مَا دَعَوْتَهُمُ اسْتَجَابُوا لَكَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا رَوِيَّةٍ، وَهَذَا الَّذِي ذَمُّوهُمْ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>