للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَخْرِقُوا جِدَارَ أَهْلِ الطَّائِفِ فَأَرْسَلَتْ عَلَيْهِمْ ثَقِيفٌ سِكَكَ الْحَدِيدِ مُحْمَاةً، فَخَرَجُوا مِنْ تَحْتِهَا، فَرَمَتْهُمْ ثَقِيفٌ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ رِجَالًا، فَحِينَئِذٍ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ أَعْنَابِ ثَقِيفٍ، فَوَقَعَ النَّاسُ فِيهَا يَقْطَعُونَ.

قَالَ: وَتَقَدَّمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَالْمُغَيَّرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَنَادَيَا ثَقِيفًا بِالْأَمَانِ حَتَّى يُكَلِّمَاهُمْ، فَأَمَّنُوهُمَا، فَدَعَوْا نِسَاءً مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي كِنَانَةَ لِيَخْرُجْنَ إِلَيْهِمْ - وَهُمَا يَخَافَانِ عَلَيْهِنَّ السِّبَاءَ إِذَا فُتِحَ الْحِصْنُ - فَأَبَيْنَ، فَقَالَ لَهُمَا ابْنُ الْأَسْوَدِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَلَا أَدُلُّكَمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا جِئْتُمَا لَهُ؟ إِنَّ مَالَ بَنِي الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمَا - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلًا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ: الْعَقِيقُ. وَهُوَ بَيْنَ مَالِ بَنِي الْأَسْوَدِ وَبَيْنَ الطَّائِفِ - وَلَيْسَ بِالطَّائِفِ مَالٌ أَبْعَدَ رِشَاءً وَلَا أَشَدَّ مَؤُونَةً وَلَا أَبْعَدَ عِمَارَةً مِنْهُ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا إِنْ قَطَّعَهُ لَمْ يَعْمُرْ أَبَدًا، فَكَلِّمَاهُ فَلْيَأْخُذْهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِيَدَعْهُ لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ. فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَهُ لَهُمْ.

وَقَدْ رَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ شُيُوخِهِ نَحْوَ هَذَا، وَعِنْدَهُ أَنَّ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ هُوَ الَّذِي أَشَارَ بِالْمَنْجَنِيقِ وَعَمِلَهُ بِيَدِهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ بِهِ وَبِدَبَّابَتَيْنِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ أَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ «اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَ الطَّائِفِ فَيَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَجَاءَهُمْ فَأَمَرَهُمْ بِالثَّبَاتِ فِي حِصْنِهِمْ وَقَالَ: لَا يَهُولَنَّكُمْ قَطْعُ مَا قُطِعَ مِنَ الْأَشْجَارِ. فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا قُلْتَ لَهُمْ؟ " قَالَ دَعْوَتُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَنْذَرْتُهُمُ النَّارَ، وَذَكَّرْتُهُمْ بِالْجَنَّةِ. فَقَالَ: " كَذَبْتَ، بَلْ قَلْتَ لَهُمْ كَذَا وَكَذَا ". فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ» .

وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ; وَهُوَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ «حَاصَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصْرَ الطَّائِفِ فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ بَلَّغَ بِسَهْمٍ فَلَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ ". فَبَلَّغْتُ يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ عَدْلُ مُحَرَّرٍ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا فَإِنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، جَاعِلٌ كُلَّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ وِقَاءً، كُلَّ عَظْمٍ بِعَظْمٍ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً فَإِنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، جَاعِلٌ كُلَّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا وِقَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا مِنَ النَّارِ ".» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>