للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ سِلَالٍ مِنْ خُبْزٍ، وَضَوَارِي الطُّيُورِ تَأْكُلُ مِنَ السَّلِّ الْأَعْلَى. فَقَصَّاهَا عَلَيْهِ، وَطَلَبَا مِنْهُ أَنْ يَعْبُرَهُمَا لَهُمَا، وَقَالَا: إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ. فَأَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ عَلِيمٌ بِتَعْبِيرِهِمَا خَبِيرٌ بِأَمْرِهِمَا. وَ قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا. قِيلَ: مَعْنَاهُ مَهْمَا رَأَيْتُمَا مِنْ حُلْمٍ فَإِنِّي أَعْبُرُهُ لَكُمَا قَبْلَ وُقُوعِهِ، فَيَكُونُ كَمَا أَقُولُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِنِّي أُخْبِرُكُمَا بِمَا يَأْتِيكُمَا مِنَ الطَّعَامِ قَبْلَ مَجِيئِهِ حُلْوًا أَوْ حَامِضًا. كَمَا قَالَ عِيسَى : وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ [آلِ عِمْرَانَ: ٤٩]. وَقَالَ لَهُمَا إِنَّ هَذَا مِنْ تَعْلِيمِ اللَّهِ إِيَّايَ لِأَنِّي مُؤْمِنٌ بِهِ مُوَحِّدٌ لَهُ مُتَّبِعٌ مِلَّةَ آبَائِي الْكِرَامِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا. أَيْ بِأَنْ هَدَانَا لِهَذَا وَعَلَى النَّاسِ أَيْ بِأَنْ أَمَرَنَا أَنْ نَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ وَنُرْشِدَهُمْ وَنَدُلَّهُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي فِطَرِهِمْ مَرْكُوزٌ، وَفِي جِبِلَّتِهِمْ مَغْرُوزٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ.

ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَذَمَّ عِبَادَةَ مَا سِوَى اللَّهِ ﷿، وَصَغَّرَ أَمْرَ الْأَصْنَامِ وَحَقَّرَهَا وَضَعَّفَ أَمْرَهَا. فَقَالَ: يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ. أَيْ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ الَّذِي يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>