للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} [يوسف: ٤٤] . فَعِنْدَ ذَلِكَ تَذَكَّرَ النَّاجِي مِنْهُمَا الَّذِي وَصَّاهُ يُوسُفُ بِأَنْ يَذْكُرَهُ عِنْدَ رَبِّهِ فَنَسِيَ إِلَى حِينِهِ هَذَا، وَذَلِكَ عَنْ تَقْدِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَهُ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا سَمِعَ رُؤْيَا الْمَلِكِ، وَرَأَى عَجْزَ النَّاسِ عَنْ تَعْبِيرِهَا تَذَكَّرَ أَمْرَ يُوسُفَ وَمَا كَانَ أَوْصَاهُ بِهِ مِنَ التَّذْكَارِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ} [يوسف: ٤٥] . أَيْ تَذَكَّرَ {بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: ٤٥] أَيْ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ الزَّمَانِ، وَهُوَ بِضْعُ سِنِينَ. وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ، كَمَا حُكِيَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ: " وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ " أَيْ بَعْدَ نِسْيَانٍ. وَقَرَأَهَا مُجَاهِدٌ: " بَعْدَ أَمْهٍ " بِإِسْكَانِ الْمِيمِ، وَهُوَ النِّسْيَانُ أَيْضًا. يُقَالُ: أَمِهَ الرَّجُلُ يَأْمَهُ أَمَهًا، وَأَمْهًا إِذَا نَسِيَ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَمِهْتُ وَكُنْتُ لَا أَنْسَى حَدِيثًا ... كَذَاكَ الدَّهْرُ يُرْدِي بِالْعَقُولِ

. فَقَالَ لِقَوْمِهِ وَلِلْمَلِكِ: {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} [يوسف: ٤٥] . أَيْ فَأَرْسِلُونِي إِلَى يُوسُفَ. فَجَاءَهُ فَقَالَ: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} [يوسف: ٤٦] . وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ الْمَلِكَ لَمَّا ذَكَرَهُ لَهُ النَّاجِي اسْتَدْعَاهُ إِلَى حَضْرَتِهِ، وَقَصَّ عَلَيْهِ مَا رَآهُ فَفَسَّرَهُ لَهُ. وَهَذَا غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ مَا قَصَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْقُرْآنِ لَا مَا عَرَّبَهُ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةُ الثِّيرَانُ مِنْ قَرَائِئَ

<<  <  ج: ص:  >  >>