للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَلَبِثَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، فَبَلَغَ جَمِيعُ مَنْ آمَنَ بِهِ رِجَالًا وَنِسَاءً، الَّذِينَ رَكِبُوا مَعَهُ سَفِينَتَهُ، دُونَ مِائَةِ نَفْسٍ، وَآمَنَ بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُدَّةِ عِشْرِينَ سَنَةً النَّاسُ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَدَانَتْ لَهُ جَبَابِرَةُ الْأَرْضِ وَمُلُوكُهَا، وَخَافَتْ زَوَالَ مُلْكِهِمْ، كَكِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَأَسْلَمَ النَّجَاشِيُّ وَالْأَقْيَالُ ; رَغْبَةً فِي دِينِ اللَّهِ، وَالْتَزَمَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مِنْ عُظَمَاءِ الْأَرْضِ الْجِزْيَةَ وَالْإِتَاوَةَ عَنْ صَغَارٍ ; أَهْلُ نَجْرَانَ وَهَجَرُ، وَأَيْلَةُ وَأَكَيْدَرُ دُومَةَ، فَذَلُّوا لَهُ مُنْقَادِينَ ; لِمَا أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الرُّعْبِ الَّذِي يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ شَهْرًا، وَفَتَحَ الْفُتُوحَ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا "} [النصر: ١]

[النَّصْرِ: ١، ٢] .

قُلْتُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ الْمَدِينَةَ وَخَيْبَرَ وَمَكَّةَ وَأَكْثَرَ الْيَمَنِ وَحَضْرَمَوْتَ، وَتُوُفِّيَ عَنْ مِائَةِ أَلْفِ صَحَابِيٍّ أَوْ يَزِيدُونَ، وَقَدْ كَتَبَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ الْكَرِيمَةِ إِلَى سَائِرِ مُلُوكِ الْأَرْضِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَانَعَ وَدَارَى عَنْ نَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَكَبَّرَ فَخَابَ وَخَسِرَ، كَمَا فَعَلَ كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ حِينَ عَتَا وَبَغَى وَتَكَبَّرَ، فَمُزِّقَ مُلْكُهُ، وَتَفَرَّقَ جُنْدُهُ شَذَرَ مَذَرَ، ثُمَّ فَتَحَ خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ - أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ التَّالِي عَلَى الْأَثَرِ - مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، مِنَ الْبَحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>