للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاللَّهِ شَيْئًا» ". وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {" فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: ١٠] " [الْقَمَرِ: ١٠ - ١٢] . أَحَادِيثَ الِاسْتِسْقَاءِ، عَنْ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِذَلِكَ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ قَرِيبًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لَهُمْ ; لِمَا بِهِمْ مِنَ الْجَدْبِ وَالْجُوعِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: " «اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا» ". فَمَا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ حَتَّى رُئِيَ الْمَطَرُ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ الْكَرِيمَةِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فَاسْتَحْضَرَ مَنِ اسْتَحْضَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَوْلَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ فِيهِ:

وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالَ الْيَتَامَى عِصْمَةً لِلْأَرَامِلِ

يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فُهُمْ عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ

وَكَذَلِكَ اسْتَسْقَى فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ لِلْجَدْبِ وَالْعَطَشِ، فَيُجَابُ كَمَا يُرِيدُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ الْمَائِيَّةِ، لَا أَزْيَدَ وَلَا أَنْقَصَ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا مَاءُ رَحْمَةٍ وَنِعْمَةٍ، وَمَاءُ الطُّوفَانِ مَاءُ غَضَبٍ وَنِقْمَةٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ يَسْتَسْقِي بِالْعَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسْقَوْنَ، وَكَذَلِكَ مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ فِي غَالِبِ الْأَزْمَانِ وَالْبُلْدَانِ يَسْتَسْقُونَ فَيُجَابُونَ فَيُسْقَوْنَ، وَلَا يُخَيَّبُونَ غَالِبًا وَلَا يَشْقَوْنَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>