مِنْ جَفْنَةٍ فِئَامًا مِنَ النَّاسِ، وَكَانَتْ تُمَدُّ مِنَ السَّمَاءِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ وَابْنُ حَامِدٍ أَيْضًا هَا هُنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنِّ وَالسَّلْوَى إِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رُزِقُوهُ مِنْ غَيْرِ كَدٍّ مِنْهُمْ وَلَا تَعَبٍ، ثُمَّ أَوْرَدَ فِي مُقَابَلَتِهِ حَدِيثَ تَحْلِيلِ الْمَغَانِمِ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلَنَا، وَحَدِيثَ جَابِرٍ فِي سَرِيَّةِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَجُوعِهِمْ حَتَّى أَكَلُوا الْخَبَطَ، فَحَسَرَ الْبَحْرُ لَهُمْ عَنْ دَابَّةٍ تُسَمَّى الْعَنْبَرَ، فَأَكَلُوا مِنْهَا ثَلَاثِينَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَتَّى سَمِنُوا وَتَكَسَّرَتْ عُكَنُ بُطُونِهِمْ. وَالْحَدِيثُ فِي " الصَّحِيحِ " كَمَا تَقَدَّمَ.
وَسَيَأْتِي عِنْدَ ذِكْرِ الْمَائِدَةِ فِي مُعْجِزَاتِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ قِصَّةُ أَبِي مُوسَى الْخَوْلَانِيِّ، أَنَّهُ خَرَجَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْحَجِّ وَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَحْمِلُوا زَادًا وَلَا مَزَادًا، فَكَانُوا إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَيُؤْتَوْنَ بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ وَعَلَفٍ يَكْفِيهِمْ وَيَكْفِي دَوَابَّهُمْ غَدَاءً وَعَشَاءً، مُدَّةَ ذَهَابِهِمْ وَإِيَابِهِمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة: ٦٠] الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: ٦٠] . فَقَدْ ذَكَرْنَا بَسْطَ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي " التَّفْسِيرِ ". وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي وَضْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَتَّسِعْ لِبَسْطِهَا فِيهِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ أَمْثَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute