للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُيُونِ، وَكَذَلِكَ كَثَّرَ الْمَاءَ فِي غَيْرِ مَا مَوْطِنٍ، كَمَزَادَتَيْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَيَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدِ اسْتَسْقَى اللَّهَ لِأَصْحَابِهِ فِي الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا، فَأُجِيبَ طِبْقَ السُّؤَالِ وَوَفْقَ الْحَاجَةِ لَا أَزْيَدَ وَلَا أَنْقَصَ، وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزِ. وَنَبْعُ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ مِنْ نَفْسِ يَدِهِ - عَلَى قَوْلِ طَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ - أَعْظَمُ مِنْ نَبْعِ الْمَاءِ مِنَ الْحَجَرِ، فَإِنَّهُ مَحَلٌّ لِذَلِكَ.

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ: فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ مُوسَى كَانَ يَضْرِبُ بِعَصَاهُ الْحَجَرَ فَيَنْفَجِرُ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا فِي التِّيهِ، قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٌ مَشْرَبَهُمْ. قِيلَ: كَانَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ وَأَعْجَبُ، فَإِنَّ نَبْعَ الْمَاءِ مِنَ الْحَجْرِ مَشْهُورٌ فِي الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ، وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ نَبْعُ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ وَالدَّمِ، فَكَانَ يُفْرِّجُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي مِخْضَبٍ، فَيَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ الْمَاءُ، فَيَشْرَبُونَ وَيُسْقَوْنَ مَاءً جَارِيًا عَذْبًا، يَرْوِي الْعَدَدَ الْكَثِيرَ مِنَ النَّاسِ وَالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ.

ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَنْطَبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ فَدَعَا بِرَكْوَةٍ فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ فِيهَا، ثُمَّ مَجَّ فِيهَا وَتَكَلَّمَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ، ثُمَّ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِيهَا، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَصَابِعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَتَفَجَّرُ مِنْهَا يَنَابِيعُ الْمَاءِ، ثُمَّ أَمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>